صفحة جزء
( 2233 ) فصل : والمحرم زوجها ، أو من تحرم عليه على التأبيد ، بنسب أو سبب مباح ، كأبيها وابنها وأخيها من نسب أو رضاع ; لما روى أبو سعيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ، أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا ، إلا ومعها أبوها أو ابنها أو زوجها أو ذو محرم منها } . رواه مسلم . قال أحمد : ويكون زوج أم المرأة محرما لها يحج بها ، ويسافر الرجل مع أم ولد جده ، فإذا كان أخوها من الرضاعة خرجت معه .

وقال في أم امرأته : ويكون محرما لها في حج الفرض ، دون غيره . قال الأثرم : كأنه ذهب إلى أنها لم تذكر في قوله : { ولا يبدين زينتهن } . الآية . فأما من تحل له في حال ، كعبدها ، وزوج أختها ، فليسا بمحرم لها . نص عليه أحمد . لأنهما غير مأمونين عليها ، ولا تحرم عليهما على التأبيد ، فهما كالأجنبي .

وقد روي عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { سفر المرأة مع عبدها ضيعة } . أخرجه سعيد . وقال الشافعي : عبدها محرم لها ; لأنه يباح له النظر إليها ، فكان محرما لها ، كذي رحمها . والأول أولى . ويفارق ذا الرحم ; لأنه مأمون عليها ، وتحرم عليه على التأبيد ، وينتقض ما ذكروه بالقواعد من النساء ، وغير أولي الإربة من الرجال .

وأما أم [ ص: 99 ] الموطوءة بشبهة ، أو المزني بها ، أو ابنتهما ، فليس بمحرم لهما ; لأن تحريمهما بسبب غير مباح ، فلم يثبت به حكم المحرمية كالتحريم الثابت باللعان ، وليس له الخلوة بهما ، ولا النظر إليهما لذلك . والكافر ليس بمحرم للمسلمة ، وإن كانت ابنته . قال أحمد في يهودي أو نصراني أسلمت ابنته : لا يزوجها ، ولا يسافر معها ، ليس هو لها بمحرم .

وقال أبو حنيفة ، والشافعي : هو محرم لها ; لأنها محرمة عليه على التأبيد . ولنا ، أن إثبات المحرمية يقتضي الخلوة بها ، فيجب أن لا تثبت لكافر على مسلمة ، كالحضانة للطفل ، ولأنه لا يؤمن عليها أن يفتنها عن دينها كالطفل ، وما ذكروه يبطل بأم المزني بها ، وابنتها ، والمحرمة باللعان ، وبالمجوسي مع ابنته ، ولا ينبغي أن يكون في المجوسي خلاف ; فإنه لا يؤمن عليها ، ويعتقد حلها . نص عليه أحمد في مواضع . ويشترط في المحرم أن يكون بالغا عاقلا .

قيل لأحمد : فيكون الصبي محرما ؟ قال : لا ، حتى يحتلم ; لأنه لا يقوم بنفسه ، فكيف يخرج مع امرأة . وذلك لأن المقصود بالمحرم حفظ المرأة ، ولا يحصل إلا من البالغ العاقل ، فاعتبر ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية