صفحة جزء
[ ص: 110 ] باب ذكر المواقيت ( 2264 ) مسألة : قال أبو القاسم رحمه الله : ( وميقات أهل المدينة من ذي الحليفة ، وأهل الشام ومصر والمغرب من الجحفة ، وأهل اليمن من يلملم ، وأهل الطائف ونجد من قرن ، وأهل المشرق من ذات عرق ) وجملة ذلك أن المواقيت المنصوص عليها الخمسة التي ذكرها الخرقي رحمه الله وقد أجمع أهل العلم على أربعة منها ، وهي : ذو الحليفة ، والجحفة ، وقرن ، ويلملم .

واتفق أئمة النقل على صحة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ، فمن ذلك ما روى ابن عباس ، قال { : وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرنا ، ولأهل اليمن يلملم ، قال : فهن لهن ، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ، ممن كان يريد الحج والعمرة ، فمن كان دونهن مهله من أهله ، وكذلك أهل مكة يهلون منها } . وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ، وأهل الشام من الجحفة ، وأهل نجد من قرن ) . قال ابن عمر : وذكر لي ولم أسمعه أنه قال : ( وأهل اليمن من يلملم ) متفق عليهما . فأما ذات عرق فميقات أهل المشرق ، في قول أكثر أهل العلم وهو مذهب مالك ، وأبي ثور ، وأصحاب الرأي .

وقال ابن عبد البر : أجمع أهل العلم على أن إحرام العراقي من ذات عرق إحرام من الميقات . وروي عن أنس أنه كان يحرم من العقيق . واستحسنه الشافعي ، وابن المنذر ، وابن عبد البر . وكان الحسن بن صالح يحرم من الربذة .

وروي ذلك عن خصيف والقاسم بن عبد الرحمن . وقد روى ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم { وقت لأهل المشرق العقيق . } قال الترمذي : وهو حديث حسن . قال ابن عبد البر : العقيق أولى وأحوط من ذات عرق ، وذات عرق ميقاتهم بإجماع . واختلف أهل العلم في من وقت ذات عرق ، فروى أبو داود ، والنسائي ، وغيرهما ، بإسنادهم ، عن القاسم عن عائشة ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق } . وعن أبي الزبير ، أنه سمع جابرا سئل عن المهل ؟ قال : سمعته - وأحسبه رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم - يقول : { مهل أهل المدينة من ذي الحليفة ، والطريق الآخر من الجحفة ، ومهل أهل العراق من ذات عرق ، ومهل أهل نجد من قرن . } رواه مسلم ، في ( صحيحه ) . وقال قوم آخرون : إنما وقتها عمر رضي الله عنه فروى البخاري ، بإسناده عن ابن عمر ، قال : لما فتح هذان المصران ، أتوا عمر ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد ، قرنا ، وهو جور عن طريقنا ، وإنا إن أردنا قرنا شق علينا . قال : فانظروا حذوها من طريقكم . فحد لهم ذات عرق . [ ص: 111 ]

ويجوز أن يكون عمر ومن سأله لم يعلموا توقيت النبي صلى الله عليه وسلم ذات عرق ، فقال ذلك برأيه فأصاب ، ووافق قول النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان كثير الإصابة رضي الله عنه وإذا ثبت توقيتها عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عمر ، فالإحرام منه أولى ، إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية