صفحة جزء
( 2277 ) مسألة : قال : ( ومن أراد الإحرام ، فجاوز الميقات غير محرم ، رجع فأحرم من الميقات ، فإن أحرم من مكانه فعليه دم ، وإن رجع محرما إلى الميقات ) وجملة ذلك أن من جاوز الميقات مريدا للنسك غير محرم ، فعليه أن يرجع إليه ليحرم منه ، إن أمكنه ، سواء تجاوزه عالما به أو جاهلا ، علم تحريم ذلك أو جهله .

فإن رجع إليه ، فأحرم منه ، فلا شيء عليه . لا نعلم في ذلك خلافا . وبه يقول جابر بن زيد ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، والثوري ، والشافعي ، وغيرهم ; لأنه أحرم من الميقات [ ص: 116 ] الذي أمر بالإحرام منه ، فلم يلزمه شيء ، كما لو لم يتجاوزه .

وإن أحرم من دون الميقات ، فعليه دم ، سواء رجع إلى الميقات أو لم يرجع . وبهذا قال مالك ، وابن المبارك . وظاهر مذهب الشافعي أنه إن رجع إلى الميقات ، فلا شيء عليه ، إلا أن يكون قد تلبس بشيء من أفعال الحج ، كالوقوف ، وطواف القدوم ، فيستقر الدم عليه ; لأنه حصل محرما في الميقات قبل التلبس بأفعال الحج ، فلم يلزمه دم ، كما لو أحرم منه . وعن أبي حنيفة : إن رجع إلى الميقات ، فلبى ، سقط عنه الدم ، وإن لم يلب ، لم يسقط . وعن عطاء ، والحسن ، والنخعي : لا شيء على من ترك الميقات .

وعن سعيد بن جبير : لا حج لمن ترك الميقات . ولنا ما روى ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { من ترك نسكا ، فعليه دم } . روي موقوفا ومرفوعا . ولأنه أحرم دون ميقاته ، فاستقر عليه الدم ، كما لو لم يرجع ، أو كما لو طاف عند الشافعي ، أو كما لو لم يلب عند أبي حنيفة ، ولأنه ترك الإحرام من ميقاته ، فلزمه الدم ، كما ذكرنا ، ولأن الدم وجب لتركه الإحرام من الميقات ، ولا يزول هذا برجوعه ولا بتلبيته ، وفارق ما إذا رجع قبل إحرامه فأحرم منه ، فإنه لم يترك الإحرام منه ، ولم يهتكه .

التالي السابق


الخدمات العلمية