صفحة جزء
( 2319 ) مسألة : قال : ( ويستحب له قلة الكلام ، إلا فيما ينفع ، وقد روي عن شريح ، أنه كان إذا أحرم كأنه حية صماء ) وجملة ذلك أن قلة الكلام فيما لا ينفع مستحبة في كل حال ، صيانة لنفسه عن اللغو ، والوقوع في الكذب ، وما لا يحل ، فإن من كثر كلامه كثر سقطه ، وفي الحديث ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليقل خيرا أو ليصمت } . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . متفق عليه . وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من { حسن إسلام المرء ، تركه ما لا يعنيه } رواه ابن عيينة ، عن [ ص: 136 ] الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة . وروي في ( المسند ) ، عن الحسين بن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقال أبو داود : أصول السنن أربعة أحاديث ، هذا أحدها .

وهذا في حال الإحرام أشد استحبابا ; لأنه حال عبادة واستشعار بطاعة الله عز وجل ، فيشبه الاعتكاف ، وقد احتج أحمد على ذلك ، بأن شريحا ، رحمه الله ، كان إذا أحرم كأنه حية صماء . فيستحب للمحرم أن يشتغل بالتلبية ، وذكر الله تعالى ، أو قراءة القرآن ، أو أمر بمعروف ، أو نهي عن منكر ، أو تعليم لجاهل ، أو يأمر بحاجته ، أو يسكت ، وإن تكلم بما لا مأثم فيه ، أو أنشد شعرا لا يقبح ، فهو مباح ، ولا يكثر ، فقد روي عن عمر ، رضي الله عنه أنه كان على ناقة له وهو محرم ، فجعل يقول :

كأن راكبها غصن بمروحة إذا تدلت به أو شارب ثمل

الله أكبر ، الله أكبر . وهذا يدل على الإباحة ، والفضيلة الأول .

التالي السابق


الخدمات العلمية