صفحة جزء
( 2333 ) مسألة : قال : ( ويلبس الهميان ، ويدخل السيور بعضها في بعض ، ولا يعقدها ) وجملة ذلك أن لبس الهميان مباح للمحرم ، في قول أكثر أهل العلم . روي ذلك عن ابن عباس ، وابن عمر ، وسعيد بن المسيب ، وعطاء ومجاهد ، وطاوس ، والقاسم ، والنخعي ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبي ثور ، وأصحاب الرأي .

قال ابن عبد البر : أجاز ذلك جماعة فقهاء الأمصار ، متقدموهم ومتأخروهم . ومتى أمكنه أن يدخل السيور بعضها في بعض ، ويثبت بذلك ، لم يعقده ; لأنه لا حاجة إلى عقده ، وإن لم يثبت إلا بعقده عقده . نص عليه أحمد . وهو قول إسحاق . وقال إبراهيم : كانوا يرخصون في عقد الهميان للمحرم ، ولا يرخصون في عقد غيره . وقالت عائشة : أوثق عليك نفقتك .

وذكر القاضي ، في ( الشرح ) ، أن ابن عباس قال : { رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحرم في الهميان أن يربطه ، إذا كانت فيه نفقته . } وقال ابن عباس : أوثقوا عليكم نفقاتكم . ورخص في الخاتم والهميان للمحرم .

وقال مجاهد ، عن ابن عمر ، أنه سئل عن المحرم يشد الهميان عليه ، فقال : لا بأس به ، إذا كانت فيه نفقته ، يستوثق من نفقته . ولأنه مما تدعو الحاجة إلى شده ، فجاز ، كعقد الإزار . فإن لم يكن في الهميان نفقة ، لم يجز عقده ، لعدم الحاجة إليه ، وكذلك المنطقة .

وقد روي عن ابن عمر أنه كره الهميان والمنطقة للمحرم ، وكرهه نافع مولاه . وهو محمول على ما ليس فيه نفقة ; لما تقدم من الرخصة فيما فيه النفقة ، وسئل أحمد عن المحرم يلبس المنطقة من وجع الظهر ، أو حاجة إليها . قال : يفتدي . فقيل له : أفلا تكون مثل الهميان ؟ قال : لا .

وعن ابن عمر [ ص: 141 ] أنه كره المنطقة للمحرم ، وأنه أباح شد الهميان ، إذا كانت فيه النفقة ، والفرق بينهما أن الهميان تكون فيه النفقة ، والمنطقة لا نفقة فيها ، فأبيح شد ما فيه النفقة ، للحاجة إلى حفظها ، ولم يبح شد ما سوى ذلك . فإن كانت فيهما نفقة ، أو لم يكن فيهما نفقة ، فهما سواء .

وقد قالت عائشة في المنطقة للمحرم : أوثق عليك نفقتك . فرخصت فيها إذا كانت فيها النفقة . ولم يبح أحمد شد المنطقة لوجع الظهر ، إلا أن يفتدي ; لأن المنطقة ليست معدة لذلك ، ولأنه فعل لمحظور في الإحرام لدفع الضرر عن نفسه ، أشبه من لبس المخيط لدفع البرد ، أو حلق رأسه لإزالة أذى القمل ، أو تطيب لأجل المرض .

التالي السابق


الخدمات العلمية