صفحة جزء
( 2376 ) مسألة : قال : ( ولا تلبس القفازين ، ولا الخلخال ، وما أشبهه ) القفازان : شيء يعمل لليدين ، تدخلهما فيهما من خرق ، تسترهما من الحر ، مثل ما يعمل للبرد ، فيحرم على المرأة لبسه في يديها في حال إحرامها .

وهذا قول ابن عمر . وبه قال عطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، والنخعي ، ومالك ، وإسحاق . وكان سعد بن أبي وقاص يلبس بناته القفازين وهن محرمات . ورخص فيه علي ، وعائشة ، وعطاء . وبه قال الثوري ، وأبو حنيفة . وللشافعي كالمذهبين . واحتجوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إحرام المرأة في وجهها } . وأنه عضو يجوز ستره بغير المخيط ، فجاز ستره به كالرجلين .

ولنا ، ما روى ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا تنتقب المرأة الحرام ، ولا تلبس القفازين } . رواه البخاري . وروي أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم { نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والخلخال } . ولأن الرجل لما وجب عليه كشف رأسه ، تعلق حكم إحرامه بغيره ، فمنع من لبس المخيط في سائر بدنه ، كذلك المرأة لما لزمها كشف وجهها ، ينبغي أن يتعلق حكم الإحرام بغير ذلك البعض ، وهو اليدان . وحديثهم المراد به الكشف . فأما الستر بغير المخيط ، فيجوز للرجل ، ولا يجوز بالمخيط . فأما الخلخال ، وما أشبهه من الحلي ، مثل السوار والدملوج ، فظاهر كلام الخرقي أنه لا يجوز لبسه .

وقد قال أحمد : المحرمة ، والمتوفى عنها زوجها ، يتركان الطيب والزينة ، ولهما ما سوى ذلك . وروي عن عطاء : أنه كان يكره للمحرمة الحرير والحلي . وكرهه الثوري ، وأبو ثور . وروي عن قتادة أنه كان لا يرى بأسا ، أن تلبس المرأة الخاتم والقرط وهي محرمة وكره السوارين والدملجين والخلخالين . وظاهر مذهب أحمد الرخصة فيه . وهو قول ابن عمر وعائشة وأصحاب الرأي . قال أحمد ، في رواية حنبل : تلبس المحرمة الحلي والمعصفر .

وقال عن نافع : كان نساء ابن عمر وبناته يلبسن الحلي والمعصفر ، وهن محرمات ، لا ينكر ذلك عبد الله . وروى أحمد في ( المناسك ) ، عن عائشة ، أنها قالت : تلبس المحرمة ما تلبس وهي حلال ، من خزها وقزها وحليها .

وقد ذكرنا حديث ابن عمر ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب ، من معصفر أو خز ، أو حلي } . قال ابن المنذر : لا يجوز المنع منه بغير حجة . ويحمل كلام أحمد والخرقي في المنع على الكراهة ; لما فيه من الزينة ، وشبهه بالكحل بالإثمد ، ولا فدية فيه ، كما لا فدية في الكحل .

وأما لبس القفازين ، ففيه الفدية ; لأنها لبست ما نهيت عن لبسه في الإحرام ، فلزمتها الفدية ، كالنقاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية