صفحة جزء
( 2382 ) مسألة : قال : ( ولا يتزوج المحرم ، ولا يزوج ، فإن فعل ، فالنكاح باطل ) [ ص: 158 ] قوله : ( لا يتزوج ) أي لا يقبل النكاح لنفسه ، ( ولا يزوج ) أي لا يكون وليا في النكاح ولا وكيلا فيه . ولا يجوز تزويج المحرمة أيضا .

روي ذلك عن عمر ، وابنه وزيد بن ثابت رضي الله عنهم وبه قال سعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار ، والزهري ، والأوزاعي ، ومالك ، والشافعي . وأجاز ذلك كله ابن عباس . وهو قول أبي حنيفة ; لما روى ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم { تزوج ميمونة وهو محرم } متفق عليه . ولأنه عقد يملك به الاستمتاع ، فلا يحرمه الإحرام ، كشراء الإماء .

ولنا ، ما روى أبان بن عثمان ، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا ينكح المحرم ، ولا ينكح ، ولا يخطب } رواه مسلم . ولأن الإحرام يحرم الطيب ، فيحرم النكاح ، كالعدة . فأما حديث ابن عباس ، فقد روى يزيد بن الأصم ، { عن ميمونة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها حلالا ، وبنى بها حلالا ، وماتت بسرف ، في الظلة التي بنى بها فيها } . رواه أبو داود ، والأثرم .

وعن أبي رافع ، قال { : تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو حلال ، وبنى بها وهو حلال ، وكنت أنا الرسول بينهما } . قال الترمذي : هذا حديث حسن . وميمونة أعلم بنفسها ، وأبو رافع صاحب القصة ، وهو السفير فيها ، فهما أعلم بذلك من ابن عباس ، وأولى بالتقديم لو كان ابن عباس كبيرا ، فكيف وقد كان صغيرا لا يعرف حقائق الأمور ، ولا يقف عليها ، وقد أنكر عليه هذا القول .

وقال سعيد بن المسيب : وهم ابن عباس ، وما تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم إلا حلالا . فكيف يعمل بحديث هذا حاله ؟ ويمكن حمل قوله : ( وهو محرم ) . أي في الشهر الحرام ، أو في البلد الحرام ، كما قيل : قتلوا ابن عفان الخليفة محرما وقيل : تزوجها حلالا ، وأظهر أمر تزويجها وهو محرم . ثم لو صح الحديثان ، كان تقديم حديثنا أولى ; لأنه قول النبي صلى الله عليه وسلم وذلك فعله ، والقول آكد ; لأنه يحتمل أن يكون مختصا بما فعله . وعقد النكاح يخالف شراء الأمة ، فإنه يحرم بالعدة والردة واختلاف الدين ، وكون المنكوحة أختا له من الرضاع ، ويعتبر له شروط غير معتبرة في الشراء .

التالي السابق


الخدمات العلمية