صفحة جزء
( 2444 ) فصل : وإذا قضيا ، تفرقا من موضع الجماع حتى يقضيا حجهما . روي هذا عن عمر ، وابن عباس . وروى سعيد ، والأثرم ، بإسناديهما عن عمر ، أنه سئل عن رجل وقع بامرأته ، وهما محرمان . فقال : أتما حجكما ، فإذا كان عام قابل ، فحجا واهديا ، حتى إذا بلغتما المكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما ، فتفرقا حتى تحلا . ورويا عن ابن عباس مثل ذلك . وبه قال سعيد بن المسيب ، وعطاء ، والنخعي ، والثوري ، والشافعي ، وأصحاب الرأي .

وروي عن أحمد أنهما يتفرقان من حيث يحرمان حتى يحلا . ورواه مالك في " الموطأ " عن علي رضي الله عنه وروي عن ابن عباس . وهو قول مالك ; لأن التفريق بينهما خوفا من معاودة المحظور ، وهو يوجد في جميع إحرامهما . ووجه الأول أن ما قبل موضع الإفساد كان إحرامهما فيه صحيحا ، فلم يجب التفرق فيه ، كالذي لم يفسد ، وإنما اختص التفريق بموضع الجماع ، لأنه ربما يذكره برؤية مكانه ، فيدعوه ذلك إلى فعله . ومعنى التفرق أن لا يركب معها في محمل ، ولا ينزل معها في فسطاط ونحوه .

قال أحمد : يتفرقان في النزول ، وفي المحمل والفسطاط ، ولكن يكون بقربها . وهل يجب التفريق أو يستحب ؟ فيه وجهان : أحدهما ، لا يجب . وهو قول أبي حنيفة ; لأنه لا يجب التفرق في قضاء رمضان إذا أفسداه ، كذلك الحج . والثاني : يجب ; لأنه روي عمن سمينا من الصحابة الأمر به ، ولم نعرف لهم مخالفا ، ولأن الاجتماع في ذلك الموضع يذكر الجماع ، فيكون من دواعيه . والأول أولى ; لأن حكمة التفريق الصيانة عما يتوهم من معاودة الوقاع عند تذكره برؤية مكانه ، وهذا وهم بعيد لا يقتضي الإيجاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية