صفحة جزء
( 2451 ) مسألة : قال : ( ثم أتى الحجر الأسود ، إن كان ، فاستلمه إن استطاع ، وقبله ) معنى ( استلمه ) أي مسحه بيده ، مأخوذ من السلام ، وهي الحجارة . فإذا مسح الحجر قيل استلم ، أي : مس السلام . قاله ابن قتيبة . والمستحب لمن دخل المسجد أن لا يعرج على شيء قبل الطواف بالبيت ، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يفعل ذلك ، قال جابر في حديثه الصحيح : { حتى أتينا البيت معه ، استلم الركن ، فرمل ثلاثا ، ومشى أربعا } .

وعن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة ، توضأ ، ثم طاف بالبيت } . متفق عليه . وروى ذلك عروة عن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعبد الله بن عمر ، ومعاوية ، وابن الزبير ، والمهاجرين ، وعائشة ، وأسماء ، ابنتي أبي بكر ، ولأن الطواف تحية المسجد الحرام ، فاستحب البداية به ، كما استحب لداخل غيره من المساجد أن يصلي ركعتين . ويبتدئ الطواف بالحجر الأسود ، فيستلمه ، وهو أن يمسحه بيده ، ويقبله . قال أسلم : رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل الحجر ، وقال : إني لأعلم أنك حجر ، لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك . متفق عليه .

وروى ابن ماجه . عن ابن عمر ، قال : { استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر ، ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلا ، ثم التفت ، فإذا هو بعمر بن الخطاب رضي الله عنه يبكي ، فقال : يا عمر ، هاهنا تسكب العبرات } . وقول الخرقي : ( إن كان ) يعني إن كان الحجر في موضعه لم يذهب به ، كما ذهب به القرامطة مرة ، حين ظهروا على مكة ، فإذا كان ذلك ، والعياذ بالله ، فإنه يقف مقابلا لمكانه ، ويستلم [ ص: 183 ] الركن .

وإن كان الحجر موجودا في موضعه ، استلمه وقبله . فإن لم يمكنه استلامه وتقبيله ، قام حياله ، أي بحذائه ، واستقبله بوجهه ، فكبر ، وهلل . وهكذا إن كان راكبا ، فقد روى البخاري ، عن ابن عباس ، قال : { طاف النبي صلى الله عليه وسلم على بعير ، كلما أتى الحجر أشار إليه بشيء في يده ، وكبر } . وروي عن { النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعمر : إنك لرجل شديد ، تؤذي الضعيف إذا طفت بالبيت ، فإذ رأيت خلوة من الحجر فادن منه ، وإلا فكبر ، ثم امض } . فإن أمكنه استلام الحجر بشيء في يده ، كالعصا ونحوها ، فعل ، فقد روى ابن عباس ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع ، يستلم الركن بمحجن } .

وهذا كله مستحب . ويقول عند استلام الحجر : { باسم الله ، والله أكبر ، إيمانا بك ، وتصديقا بكتابك ، ووفاء بعهدك ، واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم . } رواه عبد الله بن السائب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية