صفحة جزء
( 2454 ) مسألة : قال : ( ويضطبع بردائه ) معنى الاضطباع أن يجعل وسط الرداء تحت كتفه اليمنى ، ويرد طرفيه على كتفه اليسرى ، ويبقي كتفه اليمنى مكشوفة . وهو مأخوذ من الضبع ، وهو عضد الإنسان ، افتعال منه ، وكان أصله اضتبع ، فقلبوا التاء طاء ; لأن التاء متى وضعت بعد ضاد أو صاد أو طاء ساكنة قلبت طاء . ويستحب الاضطباع في طواف القدوم ; لما روى أبو [ ص: 184 ] داود ، وابن ماجه ، عن يعلى بن أمية ، أن النبي صلى الله عليه وسلم { طاف مضطبعا . } ورويا أيضا ، عن ابن عباس ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة ، فرملوا بالبيت ، وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم ، ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى } . وبهذا قال الشافعي ، وكثير من أهل العلم .

وقال مالك : ليس الاضطباع بسنة . وقال : لم أسمع أحدا من أهل العلم ببلدنا يذكر أن الاضطباع سنة . وقد ثبت بما روينا أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فعلوه ، وقد أمر الله تعالى باتباعه ، وقال : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } .

وقد روى أسلم ، عن عمر بن الخطاب ، أنه اضطبع ورمل ، وقال : ففيم الرمل ، ولم نبدي مناكبنا وقد نفى الله المشركين ؟ بلى ، لن ندع شيئا فعلناه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه أبو داود . وإذا فرغ من الطواف سوى رداءه ; لأن الاضطباع غير مستحب في الصلاة .

وقال الأثرم : إذا فرغ من الأشواط التي يرمل فيها ، سوى رداءه . والأول أولى ; لأن قوله : طاف النبي صلى الله عليه وسلم مضطبعا . ينصرف إلى جميعه . ولا يضطبع في غير هذا الطواف ، ولا يضطبع في السعي .

وقال الشافعي : يضطبع فيه ; لأنه أحد الطوافين ، فأشبه الطواف بالبيت . ولنا ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضطبع فيه ، والسنة في الاقتداء به . قال أحمد : ما سمعنا فيه شيئا . والقياس لا يصح إلا فيما عقل معناه ، وهذا تعبد محض .

التالي السابق


الخدمات العلمية