صفحة جزء
( 268 ) مسألة : قال : وغسل الميت . اختلف أصحابنا في وجوب الوضوء من غسل الميت ; فقال أكثرهم بوجوبه ، سواء كان المغسول صغيرا أو كبيرا ، ذكرا أو أنثى ، مسلما أو كافرا . وهو قول إسحاق والنخعي ، وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة ، فروي عن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يأمران غاسل الميت بالوضوء . وعن أبي هريرة ، قال : أقل ما فيه الوضوء . ولا نعلم لهم مخالفا في الصحابة . ولأن الغالب فيه أنه لا يسلم أن تقع يده على فرج الميت ، فكان مظنة ذلك قائما مقام حقيقته ، كما أقيم النوم مقام الحدث .

وقال أبو الحسن التميمي : لا وضوء فيه . وهذا قول أكثر الفقهاء وهو الصحيح إن شاء الله ; لأن الوجوب من الشرع . ولم يرد في هذا نص ، ولا هو في معنى المنصوص عليه ، فبقي على الأصل . ولأنه غسل آدمي . فأشبه غسل الحي . وما روي عن أحمد في هذا يحمل على الاستحباب دون الإيجاب ; فإن كلامه يقتضي نفي الوجوب ، فإنه ترك العمل بالحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم { من غسل ميتا فليغتسل } وعلل ذلك بأن الصحيح أنه موقوف على أبي هريرة .

فإذا لم يوجب الغسل بقول أبي هريرة ، مع احتمال أن يكون من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأن لا يوجب الوضوء بقوله ، مع عدم ذلك الاحتمال ، أولى وأحرى .

التالي السابق


الخدمات العلمية