صفحة جزء
( 2481 ) فصل : واختلفت الرواية في السعي ، فروي عن أحمد أنه ركن ، لا يتم الحج إلا به . وهو قول عائشة ، وعروة ، ومالك ، والشافعي ; لما روي عن عائشة ، قالت { : طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاف المسلمون - يعني بين الصفا والمروة - فكانت سنة } ، فلعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة . رواه مسلم . وعن { حبيبة بنت أبي تجراة ، إحدى نساء بني عبد الدار ، قالت : دخلت مع نسوة من قريش دار آل أبي حسين ، ننظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يسعى بين الصفا والمروة ، وإن مئزره ليدور في وسطه من شدة سعيه ، حتى إني لأقول : إني لأرى ركبتيه . وسمعته يقول : اسعوا ، فإن الله كتب عليكم السعي } . رواه ابن ماجه .

ولأنه نسك في الحج والعمرة ، فكان ركنا فيهما ، كالطواف بالبيت .

وروي عن أحمد أنه سنة ، لا يجب بتركه دم . روي ذلك عن ابن عباس ، وأنس ، وابن الزبير ، وابن سيرين ; لقول الله تعالى : { فلا جناح عليه أن يطوف بهما } . ونفي الحرج عن فاعله دليل على عدم وجوبه ، فإن هذا رتبة المباح ، وإنما ثبت سنيته بقوله : من شعائر الله .

وروي أن في مصحف أبي وابن مسعود : ( فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما ) . وهذا إن لم يكن قرآنا فلا ينحط عن رتبة الخبر ; لأنهما يرويانه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه نسك ذو عدد لا يتعلق بالبيت ، فلم يكن ركنا كالرمي . وقال القاضي : هو واجب . وليس بركن ، إذا تركه وجب عليه دم . وهو مذهب الحسن ، وأبي حنيفة ، والثوري . وهو أولى ; لأن دليل من أوجبه دل على مطلق الوجوب ، لا على كونه لا يتم الحج إلا به . وقول عائشة في ذلك معارض بقول من خالفها من الصحابة . وحديث بنت أبي تجراة ، قال ابن المنذر : يرويه عبد الله بن المؤمل ، وقد تكلموا في حديثه . ثم إنه يدل على أنه مكتوب ، وهو الواجب .

وأما الآية فإنها نزلت لما تحرج ناس من السعي في الإسلام ، لما كانوا يطوفون بينهما في الجاهلية ، لأجل صنمين كانا على الصفا والمروة . كذلك قالت عائشة .

التالي السابق


الخدمات العلمية