صفحة جزء
( 2510 ) مسألة : قال : ( ثم يصير إلى موقف عرفة عند الجبل ، وعرفة كلها موقف ، ويرفع عن بطن عرنة ، فإنه لا يجزئه الوقوف فيه ) يعني إذا صلى الصلاتين ، صار إلى الوقوف بعرفة ويستحب أن يغتسل للوقوف ، كان ابن مسعود يفعله ، وروي عن علي ، وبه يقول الشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وابن المنذر ; لأنها مجمع للناس ، فاستحب الاغتسال لها ، كالعيد والجمعة . وعرفة كلها موقف ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { قد وقفت هاهنا ، وعرفة كلها موقف } . رواه أبو داود ، وابن ماجه ، وعن يزيد بن شيبان ، قال : أتانا ابن مربع الأنصاري ، ونحن بعرفة في مكان يباعده عمرو عن الإمام ، فقال : إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم ، يقول : ( كونوا على مشاعركم ، فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم ) . وحد عرفة من الجبل المشرف على عرنة إلى الجبال المقابلة له إلى ما يلي حوائط بني عامر . وليس وادي عرنة من الموقف ، ولا يجزئه الوقوف فيه .

قال ابن عبد البر : أجمع العلماء على أن من وقف به لا يجزئه . وحكي عن مالك ، أنه يهريق دما ، وحجه تام . [ ص: 208 ]

ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { كل عرفة موقف ، وارفعوا عن بطن عرنة } . رواه ابن ماجه . ولأنه لم يقف بعرفة ، فلم يجزئه ، كما لو وقف بمزدلفة . والمستحب أن يقف عند الصخرات وجبل الرحمة ، ويستقبل القبلة ; لما جاء في حديث جابر ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات ، وجعل حبل المشاة بين يديه ، واستقبل القبلة } .

( 2511 ) فصل : والأفضل ، أن يقف راكبا على بعيره ، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فإن ذلك أعون له على الدعاء . قال أحمد ، حين سئل عن الوقوف راكبا ( بعرفة ) ، فقال : النبي صلى الله عليه وسلم وقف على راحلته . وقيل : الراجل أفضل ; لأنه أخف على الراحلة . ويحتمل التسوية بينهما . ( 2512 ) فصل : والوقوف ركن ، لا يتم الحج إلا به ، إجماعا .

وقد روى الثوري ، عن بكير بن عطاء الليثي ، عن عبد الرحمن بن نعم الديلي ، قال : { أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة ، فجاءه نفر من أهل نجد ، فقالوا : يا رسول الله ، كيف الحج ؟ قال : الحج عرفة ، فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع فقد تم حجه } . رواه أبو داود ، وابن ماجه . قال محمد بن يحيى : ما أروي للثوري حديثا أشرف منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية