صفحة جزء
( 2521 ) مسألة : قال : ( وإن فاته مع الإمام ، صلى وحده ) ( الجمع بمزدلفة ) معناه أنه يجمع منفردا ، كما يجمع مع الإمام . ولا خلاف في هذا ; لأن الثانية منهما تصلى في وقتها ، بخلاف العصر مع الظهر . وكذلك إن فرق بينهما ، لم يبطل الجمع كذلك ، ولما روى أسامة ، قال : ثم أقيمت الصلاة ، فصلى المغرب ، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ، ثم أقيمت العشاء ، فصلاها . وروى البخاري ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، قال : حج عبد الله ، فأتينا إلى مزدلفة حين الأذان بالعتمة ، أو قريبا من ذلك ، فأمر رجلا ، فأذن وأقام ، ثم صلى المغرب ، ثم صلى بعدها ركعتين ، ثم دعا بعشائه ، ثم أمر - أرى - فأذن ، وأقام ، ثم صلى العشاء ، ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله . ولأن الجمع متى كان في وقت الثانية لم يضر التفريق شيئا . [ ص: 214 ]

( 2522 ) فصل : والسنة التعجيل بالصلاتين ، وأن يصلي قبل حط الرحال ; لما ذكرنا من حديث أسامة ، وفي بعض ألفاظه ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام للمغرب ، ثم أناخ الناس في منازلهم ، ولم يحلوا حتى أقام العشاء الآخرة ، فصلى ثم حلوا } . رواه مسلم . والسنة أن لا تطوع بينهما . قال ابن المنذر : لا أعلمهم يختلفون في ذلك . وقد روي عن ابن مسعود أنه تطوع بينهما ، ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم .

ولنا ، حديث أسامة وابن عمر ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل بينهما } . وحديثهما أصح ، وقد تقدم في ترك التفريق بينهما . ( 2523 ) فصل : فإن صلى المغرب قبل أن يأتي مزدلفة ولم يجمع ، خالف السنة ، وصحت صلاته . وبه قال عطاء ، وعروة ، والقاسم بن محمد ، وسعيد بن جبير ، ومالك ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأبو يوسف ، وابن المنذر .

وقال أبو حنيفة ، والثوري : لا يجزئه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين ، فكان نسكا ، وقد قال : ( خذوا عني مناسككم ) . ولنا ، أن كل صلاتين جاز الجمع بينهما ، جاز التفريق بينهما ، كالظهر والعصر بعرفة ، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم محمول على أنه الأولى والأفضل ، ولئلا ينقطع سيره ، ويبطل ما ذكروه بالجمع بعرفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية