صفحة جزء
( 2551 ) مسألة : قال : ( ثم قد حل له كل شيء إلا النساء ) وجملة ذلك أن المحرم ، إذا رمى جمرة العقبة ، ثم حلق ، حل له كل ما كان محظورا بالإحرام ، إلا النساء . هذا [ ص: 225 ] الصحيح من مذهب أحمد رحمه الله .

نص عليه ، في رواية جماعة ، فيبقى ما كان محرما عليه من النساء ، من الوطء ، والقبلة ، واللمس لشهوة ، وعقد النكاح ، ويحل له ما سواه . هذا قول ابن الزبير ، وعائشة ، وعلقمة ، وسالم ، وطاوس ، والنخعي ، وعبيد الله بن الحسين ، وخارجة بن زيد ، والشافعي ، وأبي ثور ، وأصحاب الرأي . وروي أيضا عن ابن عباس . وعن أحمد ، أنه يحل له كل شيء إلا الوطء في الفرج ; لأنه أغلظ المحرمات ، ويفسد النسك ، بخلاف غيره . وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : يحل له كل شيء ، إلا النساء ، والطيب . وروي ذلك عن ابن عمر ، وعروة بن الزبير ، وعباد بن عبد الله بن الزبير ; لأنه من دواعي الوطء ، فأشبه القبلة . وعن عروة ، أنه لا يلبس القميص ، ولا العمامة ، ولا يتطيب

. وروي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث ولنا ما ، روت عائشة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا رميتم ، وحلقتم ، فقد حل لكم الطيب ، والثياب ، وكل شيء ، إلا النساء } . رواه سعيد . وفي لفظ : { إذا رمى أحدكم جمرة العقبة ، وحلق رأسه ، فقد حل له كل شيء ، إلا النساء } . رواه الأثرم ، وأبو داود ، إلا أن أبا داود قال : هو ضعيف ، رواه الحجاج ، عن الزهري ، ولم يلقه . والذي أخرجه سعيد رواه الحجاج ، عن أبي بكر بن محمد ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : { طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم ، ولحله ، قبل أن يطوف بالبيت } . متفق عليه . وعن سالم ، عن أبيه ، قال : قال عمر بن الخطاب : { إذا رميتم الجمرة ، وذبحتم ، وحلقتم ، فقد حل لكم كل شيء ، إلا الطيب ، والنساء . فقالت عائشة رضي الله عنها : أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم . فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع } . رواه سعيد . وعن أم سلمة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { يوم النحر : إن هذا يوم رخص لكم فيه إذا أنتم رميتم أن تحلوا . يعني من كل ما حرمتم منه . إلا النساء } . رواه أبو داود . وعن عبد الله بن عباس ، أنه : قال { إذا رميتم الجمرة ، فقد حل لكم كل شيء إلا ، النساء . فقال له رجل : والطيب ؟ قال : أما أنا فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضمخ رأسه بالمسك ، أفطيب ذلك أم لا ؟ } رواه ابن ماجه . وقال مالك : لا يحل له النساء ، ولا الطيب ، ولا قتل الصيد ; لقول الله تعالى : { : لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } . وهذا حرام . وقد ذكرنا ما يرد هذا القول ، ويمنع أنه محرم ، وإنما بقي بعض أحكام الإحرام . ( 2552 ) فصل : ظاهر كلام الخرقي هاهنا ، أن الحل ، إنما يحصل بالرمي والحلق معا .

وهو إحدى الروايتين عن أحمد ، وقول الشافعي ، وأصحاب الرأي ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { إذا رميتم ، وحلقتم ، فقد حل لكم كل شيء ، إلا النساء } . وترتيب الحل عليهما دليل على حصوله بهما ، ولأنهما نسكان يتعقبهما الحل ، فكان حاصلا بهما ، كالطواف والسعي في العمرة . وعن أحمد : إذا رمى الجمرة ، فقد حل ، وإذا وطئ بعد جمرة العقبة ، فعليه دم . ولم يذكر الحلق . وهذا يدل على أن الحل بدون الحلق . وهذا قول عطاء ، ومالك ، وأبي ثور . وهو [ ص: 226 ] الصحيح ، إن شاء الله تعالى ; لقوله في حديث أم سلمة : { إذا رميتم الجمرة ، فقد حل لكم كل شيء ، إلا النساء } . وكذلك قال ابن عباس . قال بعض أصحابنا : هذا يبنى على الخلاف في الحلق ، هل هو نسك أو لا ؟ فإن قلنا : نسك . حصل الحل به ، وإلا فلا .

التالي السابق


الخدمات العلمية