صفحة جزء
( 2570 ) فصل : والترتيب في هذه الجمرات واجب ، على ما ذكرنا . فإن نكس فبدأ بجمرة العقبة ، ثم الثانية ، ثم الأولى ، أو بدأ بالوسطى ، ورمى الثلاث ، لم يجزه إلا الأولى ، وأعاد الوسطى والقصوى . نص عليه أحمد . وإن رمى القصوى ، ثم الأولى ، ثم الوسطى ، أعاد القصوى وحدها . وبهذا قال مالك ، والشافعي .

وقال الحسن ، وعطاء : لا يجب الترتيب . وهو قول أبي حنيفة ; فإنه قال : إذا رمى منكسا يعيد ، فإن لم يفعل أجزأه . واحتج بعضهم بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { من قدم نسكا بين يدي نسك ، فلا حرج } . ولأنها مناسك متكررة ، في أمكنة متفرقة ، في وقت واحد ، ليس بعضها تابعا لبعض ، فلم يشترط الترتيب فيها ، كالرمي والذبح .

ولنا ، أن النبي صلى الله عليه وسلم رتبها في الرمي ، وقال : ( خذوا عني مناسككم ) ولأنه نسك متكرر ، فاشترط الترتيب فيه ، كالسعي . وحديثهم إنما جاء في من يقدم نسكا على نسك ، لا في تقديم بعض النسك على بعض . وقياسهم يبطل بالطواف والسعي . [ ص: 234 ] فصل : وإن ترك الوقوف عندها والدعاء ، ترك السنة ، ولا شيء عليه . وبذلك قال الشافعي ، وأبو حنيفة ، وإسحاق ، وأبو ثور ، ولا نعلم فيه مخالفا ، إلا الثوري .

قال : يطعم شيئا ، وإن أراق دما أحب إلي ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله ، فيكون نسكا . ولنا ، أنه دعاء وقوف مشروع له ، فلم يجب بتركه شيء ، كحالة رؤية البيت ، وكسائر الأدعية ، ولأنها إحدى الجمرات ، فلم يجب الوقوف عندها والدعاء ، كالأولى ، والنبي صلى الله عليه وسلم يفعل الواجبات والمندوبات ، وقد ذكرنا الدليل على أن هذا ندب .

التالي السابق


الخدمات العلمية