صفحة جزء
( 290 ) فصل : فإن كان الواطئ أو الموطوء صغيرا ، فقال أحمد يجب عليهما الغسل . وقال : إذا أتى على الصبية تسع سنين ، ومثلها يوطأ ، وجب عليها الغسل . وسئل عن الغلام يجامع مثله ولم يبلغ ، فجامع المرأة ، يكون عليهما جميعا الغسل ؟ قال : نعم . قيل له : أنزل أو لم ينزل ؟ قال : نعم . وقال : ترى عائشة حين كان يطؤها النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن تغتسل ، ويروى عنها : " إذا التقى الختانان وجب الغسل " .

وحمل القاضي كلام أحمد على الاستحباب . وهو قول أصحاب الرأي وأبي ثور ; لأن الصغيرة لا يتعلق بها المأثم ، ولا هي من أهل التكليف . ولا تجب عليها الصلاة التي تجب الطهارة لها ، فأشبهت الحائض . ولا يصح حمل كلام أحمد على الاستحباب ; لتصريحه بالوجوب ، وذمه قول أصحاب الرأي وقوله : هو قول سوء . واحتج بفعل عائشة وروايتها للحديث العام في الصغير والكبير ; ولأنها أجابت بفعلها وفعل النبي صلى الله عليه وسلم بقولها : فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا .

فكيف تكون خارجة منه ، وليس معنى وجوب الغسل في الصغير التأثيم بتركه ، بل معناه أنه شرط لصحة الصلاة ، والطواف ، وإباحة قراءة القرآن ، واللبث في المسجد ، وإنما يأثم البالغ بتأخيره في موضع يتأخر الواجب بتركه ، ولذلك لو أخره في غير وقت الصلاة ، لم يأثم ، والصبي لا صلاة عليه ، فلم يأثم بالتأخير ، وبقي في حقه شرطا ، كما في حق الكبير ، وإذا بلغ كان حكم الحدث في حقه باقيا ، كالحدث الأصغر ، ينقض الطهارة في حق الكبير والصغير . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية