صفحة جزء
( 2748 ) فصل : ويستحب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ; لما روى الدارقطني ، بإسناده عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من حج ، فزار قبري بعد وفاتي ، فكأنما زارني في حياتي } . وفي رواية : { من زار قبري وجبت له شفاعتي } . رواه باللفظ الأول سعيد . حدثنا حفص بن سليمان ، عن ليث عن مجاهد ، عن ابن عمر . وقال أحمد ، في رواية عبد الله ، عن يزيد بن قسيط ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ما من أحد يسلم علي عند قبري ، إلا [ ص: 298 ] رد الله علي روحي ، حتى أرد عليه السلام } : وإذا حج الذي لم يحج قط - يعني من غير طريق الشام - لا يأخذ على طريق المدينة ، لأني أخاف أن يحدث به حدث ، فينبغي أن يقصد مكة من أقصر الطرق ، ولا يتشاغل بغيره . ويروى عن العتبي ، قال : كنت جالسا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي ، فقال : السلام عليك يا رسول الله ، سمعت الله يقول : { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما } .

وقد جئتك مستغفرا لذنبي ، مستشفعا بك إلى ربي ، ثم أنشأ يقول :

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم     نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه
فيه العفاف وفيه الجود والكرم

ثم انصرف الأعرابي ، فحملتني عيني ، فنمت ، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم ، فقال : يا عتبي ، الحق الأعرابي ، فبشره أن الله قد غفر له .

ويستحب لمن دخل المسجد أن يقدم رجله اليمنى ، ثم يقول : { بسم الله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، واغفر لي ، وافتح لي أبواب رحمتك . وإذا خرج ، قال مثل ذلك . وقال : وافتح لي أبواب فضلك }

لما روي عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمها أن تقول ذلك ، إذا دخلت المسجد . ثم تأتي القبر فتولي ظهرك القبلة ، وتستقبل وسطه ، وتقول : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام عليك يا نبي الله ، وخيرته من خلقه وعباده ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أشهد أنك قد بلغت رسالات ربك ، ونصحت لأمتك ، ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ، وعبدت الله حتى أتاك اليقين ، فصلى الله عليك كثيرا ، كما يحب ربنا ويرضى ، اللهم اجز عنا نبينا أفضل ما جزيت أحدا من النبيين والمرسلين ، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته ، يغبطه به الأولون والآخرون ، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم إنك قلت وقولك الحق : { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما } . وقد أتيتك مستغفرا من ذنوبي ، مستشفعا بك إلى ربي ، فأسألك يا رب أن توجب لي المغفرة ، كما أوجبتها لمن أتاه في حياته ، اللهم اجعله أول الشافعين ، وأنجح السائلين ، وأكرم الآخرين والأولين ، برحمتك يا أرحم الراحمين . ثم يدعو لوالديه ولإخوانه وللمسلمين أجمعين ، ثم يتقدم قليلا ، ويقول : السلام عليك يا أبا بكر الصديق ، السلام عليك يا عمر الفاروق ، السلام عليكما يا صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم وضجيعيه ووزيريه ورحمة الله وبركاته ، اللهم اجزهما عن نبيهما وعن الإسلام خيرا : ( سلام عليكم بما صبرتم ، فنعم عقبى الدار ) . اللهم لا [ ص: 299 ] تجعله آخر العهد من قبر نبيك صلى الله عليه وسلم ومن حرم مسجدك يا أرحم الراحمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية