صفحة جزء
[ ص: 32 ] مسألة ; قال : ( ولا يباع شيء من الرطب بيابس من جنسه إلا العرايا ) أراد الرطب مما يجري فيه الربا ، كالرطب بالتمر ، والعنب بالزبيب ، واللبن بالجبن ، والحنطة المبلولة أو الرطبة باليابسة ، أو المقلية بالنيئة ، ونحو ذلك . وبه قال سعد بن أبي وقاص ، وسعيد بن المسيب ، والليث ، ومالك ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو يوسف ، ومحمد .

وقال ابن عبد البر : جمهور علماء المسلمين على أن بيع الرطب بالتمر لا يجوز بحال من الأحوال ، وقال أبو حنيفة : يجوز ذلك ; لأنه لا يخلو ، إما أن يكون من جنسه ، فيجوز ; لقوله عليه السلام : { التمر بالتمر مثلا بمثل } . أو من غير جنسه ، فيجوز ; لقوله عليه السلام : { فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم } . ولنا ، قوله عليه السلام : { لا تبيعوا التمر بالتمر } . وفي لفظ ، { نهى عن بيع التمر بالتمر ، ورخص في العرية أن تباع بخرصها يأكلها أهلها رطبا } . متفق عليه .

وعن سعد : أن النبي صلى الله عليه وسلم { سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال : أينقص الرطب إذا يبس قالوا : نعم . فنهى عن ذلك . } . رواه مالك ، وأبو داود ، والأثرم ، وابن ماجه . ولفظ رواية الأثرم ، قال : { فلا إذن } . نهى وعلل بأنه ينقص إذا يبس . وروى مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { نهى عن المزابنة } . والمزابنة بيع الرطب بالتمر كيلا ، وبيع العنب بالزبيب كيلا ; ولأنه جنس فيه الربا بيع بعضه ببعض على وجه ينفرد أحدهما بالنقصان ، فلم يجز ، كبيع المقلية بالنيئة ، ولا يلزم الحديث بالعتيق ; لأن التفاوت يسير . قال الخطابي : وقد تكلم بعض الناس في إسناد حديث سعد بن أبي وقاص في بيع الرطب بالتمر .

وقال : زيد أبو عياش راويه ضعيف . وليس الأمر على ما توهمه ، وأبو عياش مولى بني زهرة معروف ، وقد ذكره مالك في " الموطأ " ، وهو لا يروي عن متروك الحديث .

التالي السابق


الخدمات العلمية