صفحة جزء
( 2819 ) فصل : في بيع التمر بالتمر وفروعه ، يجوز بيع التمر بالتمر كيلا بكيل بغير خلاف ، وسواء تساويا في الجودة والرداءة ، وفي كونهما ينكبسان في المكيال ، أو اختلفا في ذلك ، قيل لأحمد : صاع تمر بصاع تمر ، وأحد التمرين يدخل في المكيال منه أكثر ؟ فقال : إنما هو صاع بصاع . وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { التمر بالتمر مدي بمدي ثم قال : من زاد ، أو ازداد ، فقد أربى } . فإن كان في كل واحد منهما نواه ، جاز بيعه متساويا بغير خلاف [ ص: 37 ] لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد علم أن التمر يكون فيه النوى .

وإن نزع من كل واحد منهما نواه ، جاز أيضا . وقال أصحاب الشافعي : لا يجوز في أحد الوجهين ; لأنهما لم يتساويا في حال الكمال . ولأنه يتجافى في المكيال .

ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { التمر بالتمر مدي بمدي } . ولأنهما تساويا في الحال على وجه لا ينفرد أحدهما بالنقصان ، فجاز ، كما لو كان في كل واحد منهما نواه . ويجوز بيع النوى بالنوى كيلا لذلك . وإذا باع تمرا منزوع النوى بتمر نواه فيه ، لم يجز ; لاشتمال أحدهما على ما ليس من جنسه دون الآخر .

وإن نزع النوى ، ثم باع النوى والتمر بنوى وتمر ، لم يجز ; لأنه زالت التبعية بنزعه ، فصار كبيع تمر وحنطة بتمر وحنطة . وإن باع النوى بتمر منزوع النوى ، جاز متفاضلا ، ومتساويا ; لأنهما جنسان .

وإن باع النوى بتمر نواه فيه ، فعلى روايتين ; منع منه في رواية مهنا ، وأحمد بن القاسم ; لأن التمر نوى ، فيصير كمد عجوة ، وكما لو باع تمرا فيه نواه ، بتمر منزوع النوى . وأجاز ذلك في رواية ابن منصور ; لأن النوى في التمر غير مقصود ، ولذلك جاز بيع التمر بالتمر في كل واحد منهما نواه ، وصار هذا كبيع دار مموه سقفها بالذهب بذهب فعلى هذا يجوز بيعه متفاضلا ومتساويا ; لأن النوى الذي في التمر لا عبرة به ، فصار كبيع النوى بمنزوع النوى .

( 2820 ) فصل : ويصنع من التمر الدبس ، والخل ، والناطف ، والقطارة . ولا يجوز بيع التمر بشيء منها ; لأن مع بعضها من غير جنسه ، وبعضها مائع ، والتمر جامد . ولا يجوز بيع الناطف بعضه ببعض ، ولا بغيره من المصنوع من التمر ; لأن معها شيئا مقصودا من غير جنسهما ، فينزل منزلة مد عجوة . ويجوز بيع القطارة ، والدبس ، والخل ، كل نوع بعضه ببعض متساويا .

قال أحمد في رواية مهنا ، في خل الدقل : يجوز بيع بعضه ببعض متساويا . وذلك لأن الماء في كل واحد منهما غير مقصود ، وهو من مصلحته ، فلم يمنع جواز البيع ، كالخبز بالخبز ، والتمر بالتمر ، في كل واحد منهما نواه . ولا يباع نوع بنوع آخر ; لأن في كل واحد منهما من غير جنسه يقل ويكثر ، فيفضي إلى التفاضل .

التالي السابق


الخدمات العلمية