صفحة جزء
( 2824 ) فصل : فأما بيع بعض فروعها ببعض ، فيجوز بيع كل واحد من الدقيق والسويق بنوعه متساويا ، وبه قال أبو حنيفة . والمشهور عن الشافعي المنع من ذلك ; لأنه يعتبر تساويهما حالة الكمال ، وهو حال كونها حنطة ، وقد فات ذلك ; لأن أحد الدقيقين قد يكون من حنطة رزينة ، والآخر من حنطة خفيفة ، فيستويان [ ص: 39 ] دقيقا ، ولا يستويان حنطة .

ولنا ، أنهما تساويا حال العقد على وجه لا ينفرد أحدهما بالنقصان ، فجاز ، كبيع التمر بالتمر . إذا ثبت هذا ، فإنما يباع بعضه ببعض كيلا ; لأن الحنطة مكيلة ، ولم يوجد في الدقيق والسويق ما ينقلهما عن ذلك . ويشترط أن يتساويا في النعومة . ذكره أبو بكر ، وغيره من أصحابنا . وهو مذهب أبي حنيفة ; لأنهما إذا تفاوتا في النعومة تفاوتا في ثاني الحال ، فيصير كبيع الحنطة بالدقيق . وذكر القاضي أن الدقيق يباع بالدقيق وزنا . ولا وجه له ، وقد سلم في السويق أنه يباع بالكيل ، والدقيق مثله . فأما بيع الدقيق بالسويق ، فالصحيح أنه لا يجوز . وهو مذهب الشافعي .

وروي عن أحمد ، أنه يجوز ; لأن كل واحد منهما أجزاء حنطة ليس معه غيره ، فأشبه الدقيق بالدقيق ، والسويق بالسويق . ولنا ، أن النار قد أخذت من أحدهما ، فلم يجز بيع بعضه ببعض ، كالمقلية بالنيئة .

وروي عن مالك ، وأبي يوسف ، ومحمد ، وأبي ثور ، أنه لا بأس ببيع الدقيق بالسويق متفاضلا ; لأنهما جنسان . ولنا ، أنهما أجزاء جنس واحد ، فلم يجز التفاضل بينهما ، كالدقيق مع الدقيق ، والسويق بالسويق .

التالي السابق


الخدمات العلمية