صفحة جزء
( 3046 ) فصل ومن باع طعاما إلى أجل فلما حل الأجل أخذ منه بالثمن الذي في ذمته طعاما قبل قبضه ، لم يجز . روي ذلك عن ابن عمر ، وسعيد بن المسيب ، وطاوس ، وبه قال مالك وإسحاق وأجازه جابر بن زيد وسعيد بن جبير وعلي بن حسين والشافعي ، وابن المنذر ، وأصحاب الرأي ، قال علي بن حسين : إذا لم يكن لك في ذلك رأي وروي عن محمد بن عبد الله بن أبي مريم أنه قال : بعت تمرا من التمارين ، كل سبعة آصع بدرهم ، ثم وجدت عند رجل منهم تمرا يبيعه أربعة آصع بدرهم ، فاشتريت منه ، فسألت عكرمة عن ذلك ؟ فقال : لا بأس ، أخذت أنقص مما بعت . ثم سألت سعيد بن المسيب عن ذلك ، وأخبرته بقول عكرمة فقال : كذب ، قال عبد الله بن عباس ما بعت من شيء مما يكال بمكيال ، فلا تأخذ منه شيئا مما يكال بمكيال ، إلا ورقا أو ذهبا ، فإذا أخذت ورقك ، فابتع ممن شئت منه ، أو من غيره فرجعت ، فإذا عكرمة قد طلبني ، فقال : الذي قلت لك هو حلال هو حرام . فقلت لسعيد بن المسيب : إن فضل لي عنده فضل ؟ قال : فأعطه أنت الكسر ، وخذ منه الدرهم ووجه ذلك ، أنه ذريعة إلى بيع الطعام بالطعام نسيئة ، فحرم كمسألة العينة ، فعلى هذا ، كل شيئين حرم النساء فيهما ، لا يجوز أن يؤخذ أحدهما عوضا عن الآخر قبل قبض ثمنه ، إذا كان البيع نساء . نص أحمد على ما يدل على هذا .

وكذلك قال سعيد بن المسيب ، فيما حكينا عنه . والذي يقوى عندي جواز ذلك إذا لم يفعله حيلة ولا قصد ذلك في ابتداء العقد ، كما قال علي بن الحسين ، فيما يروي عنه عبد الله بن زيد قال قدمت على علي بن الحسين ، فقلت له : إني أجذ نخلي ، وأبيع ممن حضرني التمر إلى أجل ، فيقدمون بالحنطة ، وقد حل ذلك الأجل ، فيوقفونها بالسوق ، فأبتاع منهم وأقاصهم . قال : لا بأس بذلك ، إذا لم يكن منك على رأي وذلك لأنه اشترى الطعام بالدراهم التي في الذمة بعد انبرام العقد أول لزومه ، فصح ، كما لو كان المبيع الأول [ ص: 129 ] حيوانا أو ثيابا ، ولما ذكرنا في الفصل الذي قبل هذا ، فإنه لم يأخذ بالثمن طعاما ، ولكن اشترى من المشتري طعاما بدراهم ، وسلمها إليه ، ثم أخذها منه وفاء ، أو لم يسلمها إليه ، لكن قاصه بها ، كما في حديث علي بن الحسين .

التالي السابق


الخدمات العلمية