صفحة جزء
( 3080 ) مسألة ; قال : ولا الطائر قبل أن يصاد وجملة ذلك ; أنه إذا باع طائرا في الهواء ، لم يصح ، مملوكا أو غير مملوك ; أما المملوك ; فلأنه غير مقدور عليه ، وغير المملوك ، لا يجوز لعلتين ; إحداهما ، العجز عن تسليمه ، والثانية ، أنه غير مملوك له . والأصل في هذا { نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر . } وقيل في تفسيره : هو بيع الطير في الهواء ، والسمك في الماء . ولا نعلم في هذا خلافا .

ولا فرق بين كون الطائر يألف الرجوع ، أو لا يألفه ; لأنه لا يقدر على تسليمه الآن ، وإنما يقدر عليه إذا عاد . فإن قيل : فالغائب في مكان بعيد ، لا يقدر على تسليمه في الحال ، قلنا : الغائب يقدر على استحضاره ، والطير لا يقدر صاحبه على رده ، إلا أن يرجع هو بنفسه ، ولا يستقل مالكه برده ، فيكون عاجزا عن تسليمه ، لعجزه عن الواسطة التي يحصل بها تسليمه ، بخلاف الغائب .

وإن باعه الطير في البرج ، نظرت ; فإن كان البرج مفتوحا ، لم يجز ; لأن الطير إذا قدر على الطيران لم يمكن تسليمه ، فإن كان مغلقا ويمكن أخذه ، جاز بيعه . وقال القاضي : إن لم يمكن أخذه إلا بتعب ومشقة ، لم يجز بيعه ; لعدم القدرة على تسليمه . وهذا مذهب الشافعي وهو ملغى بالبعيد الذي لا يمكن إحضاره إلا بتعب ومشقة . وفرقوا بينهما ، بأن البعيد تعلم الكلفة التي يحتاج إليها في إحضاره بالعادة ، وتأخير التسليم مدته معلومة ، ولا كذلك في إمساك الطائر . والصحيح ، إن شاء الله تعالى ، أن تفاوت المدة في إحضار البعيد ، واختلاف المشقة أكثر من التفاوت والاختلاف في إمساك طائر من البرج ، والعادة تكون في هذا ، كالعادة في ذاك ، فإذا صح في البعيد مع كثرة التفاوت ، وشدة اختلاف المشقة ، فهذا أولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية