صفحة جزء
( 3122 ) فصل : فإن كان المبيع أمة ، فوطئها المشتري ، فلا حد عليه ; لاعتقاده أنها ملكه ، ولأن في الملك اختلافا . وعليه مهر مثلها ; لأن الحد إذا سقط للشبهة ، وجب المهر . ولأن الوطء في ملك الغير يوجب المهر . وعليه أرش البكارة ، إن كانت بكرا . فإن قيل : أليس إذا تزوج امرأة ترويجا فاسدا ، فوطئها ، فأزال بكارتها ، لا يضمن البكارة ؟ قلنا : لأن النكاح تضمن الإذن في الوطء المذهب للبكارة ; لأنه معقود على الوطء ، ولا كذلك البيع ، فإنه ليس بمعقود على الوطء ; بدليل أنه يجوز شراء من لا يحل وطؤها ، ولا يحل نكاحها .

فإن قيل : فإذا أوجبتم مهر بكر ، فكيف توجبون ضمان البكارة ، وقد دخل ضمانها في المهر ؟ وإذا أوجبتم ضمان البكارة ، فكيف توجبون مهر بكر ، وقد أدى عوض البكارة بضمانه لها ، فجرى مجرى من أزال بكارتها بأصبعه ، ثم وطئها ؟ قلنا : لأن مهر البكر ضمان المنفعة ، وأرش البكارة ضمان جزء ، فلذلك اجتمعا ، وأما الثاني فإنه إذا وطئها بكرا ، فقد استوفى نفع هذا الجزء ، فوجبت قيمته بما استوفى من نفعه ، فإذا أتلفه وجب ضمان عينه ، ولا يجوز أن تضمن العين ، ويسقط ضمان المنفعة ، كما لو غصب عينا ذات منفعة ، فاستوفى منفعتها ، ثم أتلفها ، أو غصب ثوبا ، فلبسه حتى أبلاه وأتلفه ، فإنه يضمن القيمة والمنفعة كذا هاهنا .

( 3123 ) فصل : وإن ولدت كان ولدها حرا ; لأنه وطئها بشبهة . ويلحق به النسب لذلك ، ولا ولاء عليه ; لأنه حر الأصل وعلى الواطئ قيمته يوم وضعه ; لأنه يوم الحيلولة بينه وبين صاحبه ، فإن سقط ميتا ، لم يضمن ; لأنه إنما يضمنه حين وضعه ، ولا قيمة له حينئذ . فإن قيل : فلو ضرب بطنها فألقت جنينا ميتا ، وجب ضمانه . قلنا : الضارب يجب عليه غرة ، وهاهنا يضمنه بقيمته ، ولا قيمة له ، ولأن الجاني أتلفه ، وقطع نماءه ، وهاهنا يضمنه بالحيلولة بينه وبين سيده ، ووقت الحيلولة وقت السقوط ، وكان ميتا ، فلم يجب ضمانه ، وعليه ضمان نقص الولادة .

وإن ضرب بطنها أجنبي فألقت جنينا ميتا ، فعلى الضارب غرة ، عبد أو أمة للسيد منها أقل الأمرين من أرش الجنين ، أو قيمته يوم سقط ; لأن ضمان الضارب له قام مقام خروجه حيا ، ولذلك ضمنه البائع . وإنما كان للسيد أقل الأمرين ; لأن الغرة إن كانت أكثر من القيمة ، فالباقي منها لورثته ; لأنه حصل بالحرية ، فلا يستحق السيد منها شيئا . وإن كانت أقل ، لم يكن على الضارب أكثر منها ; لأنه بسبب ذلك ضمن . وإن ضرب الواطئ بطنها ، فألقت الجنين ميتا ، فعليه الغرة أيضا ، ولا يرث منها شيئا ، وللسيد أقل الأمرين كما ذكرنا .

وإن سلم الجارية المبيعة إلى البائع حاملا ، فولدت عنده ، ضمن نقص الولادة ، وإن تلفت بذلك ضمنها ; لأن تلفها بسبب منه . وإن ملكها الواطئ ، لم تصر بذلك أم ولد ، على الصحيح من المذهب ; لأنها علقت منه في غير ملكه ، فأشبه الزوجة . وهكذا كل موضع حبلت في ملك غيره ، ولا تصير له أم ولد بهذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية