صفحة جزء
( 3177 ) فصل : قال أحمد : لا أعلم في بيع المصاحف رخصة . ورخص في شرائها . وقال : الشراء أهون . وكره بيعها ابن عمر وابن عباس وأبو موسى ، وسعيد بن جبير وإسحاق وقال ابن عمر : وددت أن الأيدي تقطع في بيعها . وقال أبو الخطاب : يجوز بيع المصحف ، مع الكراهة .

وهل يكره شراؤه وإبداله ؟ على روايتين . ورخص في بيعها الحسن والحكم وعكرمة والشافعي ، وأصحاب الرأي ; لأن البيع يقع على الجلد ، والورق ، وبيع ذلك مباح . ولنا ، قول الصحابة رضي الله عنهم ، ولم نعلم لهم مخالفا في عصرهم ، ولأنه يشتمل على كلام الله تعالى ، فتجب صيانته عن البيع والابتذال ، وأما الشراء فهو أسهل ; لأنه استنقاذ للمصحف وبذل لماله فيه ، فجاز ، كما أجاز شراء رباع مكة ، واستئجار دورها ، من لا يرى بيعها ، ولا أخذ أجرتها . وكذلك أرض السواد ونحوها . وكذلك دفع الأجرة إلى الحجام ، لا يكره ، مع كراهة كسبه .

وإن اشترى الكافر مصحفا ، فالبيع باطل . به قال الشافعي وأجازه أصحاب الرأي ، وقالوا : يجبر على بيعه ; لأنه أهل للشراء ، والمصحف محل له . ولنا ، أنه يمنع من استدامة الملك عليه ، فمنع من ابتدائه ، كسائر ما يحرم بيعه ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المسافرة بالقرآن إلى أرض العدو ، مخافة أن تناله أيديهم . فلا يجوز تمكينهم من التوصل إلى نيل أيديهم إياه .

التالي السابق


الخدمات العلمية