صفحة جزء
( 3198 ) فصل : واختلفت الرواية في السلم في الحيوان فروي ، لا يصح السلم فيه . وهو قول الثوري وأصحاب الرأي . وروي ذلك عن عمر وابن مسعود وحذيفة ، وسعيد بن جبير ، والشعبي ، والجوزجاني ; لما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : إن من الربا أبوابا لا تخفى ، وإن منها السلم في السن . ولأن الحيوان يختلف اختلافا متباينا ، فلا يمكن ضبطه . وإن استقصى صفاته التي يختلف بها الثمن ، مثل : أزج الحاجبين ، أكحل العينين ، أقنى الأنف ، أشم العرنين ، أهدب الأشفار ، ألمى الشفة ، بديع الصفة . تعذر تسليمه ; لندرة وجوده على تلك الصفة .

وظاهر المذهب ، صحة السلم فيه . نص عليه ، في رواية الأثرم . قال ابن المنذر : وممن روينا عنه أنه لا بأس بالسلم في الحيوان ابن مسعود ، وابن عباس ، وابن عمر ، وسعيد بن المسيب ، والحسن ، [ ص: 187 ] والشعبي ، ومجاهد ، والزهري ، والأوزاعي ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور . وحكاه الجوزجاني عن عطاء ، والحكم . لأن أبا رافع قال : { استسلف النبي صلى الله عليه وسلم من رجل بكرا } . رواه مسلم . وروى عبد الله بن عمرو بن العاص قال : { أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبتع البعير بالبعيرين وبالأبعرة إلى مجيء الصدقة } . وقد ذكرنا هذا الحديث في باب الربا . ولأنه ثبت في الذمة صداقا ، فثبت في السلم كالثياب ، فأما حديث عمر ، فلم يذكره أصحاب الاختلاف ، ثم هو محمول على أنهم يشترطون من ضراب فحل بني فلان .

قال الشعبي : إنما كره ابن مسعود السلف في الحيوان ; لأنهم اشترطوا نتاج فحل معلوم . رواه سعيد . وقد روي عن علي ; أنه باع جملا له يدعى عصيفير ، بعشرين بعيرا ، إلى أجل . ولو ثبت قول عمر في تحريم السلم في الحيوان ، فقد عارضه قول من سمينا ممن وافقنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية