صفحة جزء
( 3237 ) مسألة ; قال : ( وبيع المسلم فيه من بائعه ، أو من غيره ، قبل قبضه ، فاسد . وكذلك الشركة فيه ، والتولية ، والحوالة به ، طعاما كان أو غيره ) [ ص: 201 ] أما بيع المسلم فيه قبل قبضه ، فلا نعلم في تحريمه خلافا ، وقد { نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام قبل قبضه } ، وعن ربح ما لم يضمن . ولأنه مبيع لم يدخل في ضمانه ، فلم يجز بيعه ، كالطعام قبل قبضه .

وأما الشركة فيه والتولية ، فلا تجوز أيضا ; لأنهما بيع على ما ذكرنا من قبل . وبهذا قال أكثر أهل العلم . وحكي عن مالك جواز الشركة والتولية ; لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه { نهى عن بيع الطعام قبل قبضه ، وأرخص في الشركة والتولية } .

ولنا ، أنها معاوضة في المسلم فيه قبل القبض ، فلم يجز ، كما لو كانت بلفظ البيع . ولأنهما نوعا بيع ، فلم يجوزا في المسلم قبل قبضه ، كالنوع الآخر ، والخبر لا نعرفه ، وهو حجة لنا ; لأنه نهى عن بيع الطعام قبل قبضه ، والشركة والتولية بيع فيدخلان في النهي . ويحمل قوله : وأرخص في الشركة والتولية . على أنه أرخص فيهما في الجملة ، لا في هذا الموضع . وأما الإقالة فإنها فسخ وليست بيعا . وأما الحوالة به فغير جائزة ، لأن الحوالة إنما تجوز على دين مستقر ، والسلم بغرض الفسخ ، فليس بمستقر .

ولأنه نقل للملك في المسلم فيه على غير وجه الفسخ ، فلم يجز كالبيع . ومعنى الحوالة به ، أن يكون لرجل طعام من سلم ، وعليه مثله من قرض أو سلم آخر أو بيع فيحيل بما عليه من الطعام على الذي له عنده السلم ، فلا يجوز . وإن أحال المسلم إليه المسلم بالطعام الذي عليه لم يصح أيضا ; لأنه معاوضة بالمسلم فيه قبل قبضه ، فلم يجز ، كالبيع . وأما بيع المسلم فيه من بائعه ، فهو أن يأخذ غير ما أسلم فيه عوضا عن المسلم فيه . فهذا حرام ، سواء كان المسلم فيه موجودا أو معدوما ، سواء كان العوض مثل المسلم فيه في القيمة ، أو أقل ، أو أكثر .

وبهذا قال أبو حنيفة ، والشافعي . وذكر ابن أبي موسى ، عن أحمد ، رواية أخرى في من أسلم في بر ، فعدمه عند المحل ، فرضي المسلم بأخذ الشعير مكان البر ، جاز . ولم يجز أكثر من ذلك . وهذا يحمل على الرواية التي فيها أن البر والشعير جنس واحد ، والصحيح في المذهب خلافه . وقال مالك : يجوز أن يأخذ غير المسلم فيه مكانه ، يتعجله ولا يؤخره إلى الطعام . قال ابن المنذر : وقد ثبت أن ابن عباس قال : إذا أسلم في شيء إلى أجل فإن أخذت ما أسلفت فيه ، وإلا فخذ عوضا أنقص منه ، ولا تربح مرتين رواه سعيد في " سننه " . ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم { : من أسلم في شيء ، فلا يصرفه إلى غيره } . رواه أبو داود ، وابن ماجه . ولأن أخذ العوض عن المسلم فيه بيع ، فلم يجز ، كبيعه من غيره . فأما إن أعطاه من جنس ما أسلم فيه خيرا منه ، أو دونه في الصفات ، جاز ; لأن ذلك ليس ببيع ، إنما هو قضاء للحق ، مع تفضل من أحدهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية