صفحة جزء
( 3257 ) فصل : وللمقرض المطالبة ببدله في الحال ; لأنه سبب يوجب رد المثل في المثليات ، فأوجبه حالا كالإتلاف . ولو أقرضه تفاريق ، ثم طالبه بها جملة ; فله ذلك ; لأن الجميع حال ، فأشبه ما لو باعه بيوعا حالة ، ثم طالبه بثمنها جملة . وإن أجل القرض ، لم يتأجل ، وكان حالا . وكل دين حل أجله ، لم يصر مؤجلا بتأجيله . وبهذا قال الحارث العكلي ، والأوزاعي ، وابن المنذر ، والشافعي ، وقال مالك والليث : يتأجل الجميع بالتأجيل ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم { المؤمنون عند شروطهم . }

ولأن المتعاقدين يملكان التصرف في هذا العقد بالإقالة [ ص: 209 ] والإمضاء ; فملكا الزيادة فيه ، كخيار المجلس . وقال أبو حنيفة في القرض وبدل المتلف كقولنا ، وفي ثمن المبيع والأجرة والصداق وعوض الخلع كقولهما ; لأن الأجل يقتضي جزءا من العوض ، والقرض لا يحتمل الزيادة والنقص في عوضه ، وبدل المتلف الواجب فيه المثل من غير زيادة ولا نقص ; فلذلك لم يتأجل ، وبقية الأعواض يجوز الزيادة فيها ، فجاز تأجيلها .

ولنا ، أن الحق يثبت ، حالا ، والتأجيل تبرع منه ووعد ، فلا يلزم الوفاء به ، كما لو أعاره شيئا ، وهذا لا يقع عليه اسم الشرط ، ولو سمي ، فالخبر مخصوص بالعارية ، فيلحق به مما اختلفا فيه لأنه مثله ولنا ، على أبي حنيفة ، أنها زيادة بعد استقرار العقد ، فأشبه القرض ، وأما الإقالة : فهي فسخ ، وابتداء عقد آخر ، بخلاف مسألتنا ، وأما خيار المجلس ، فهو بمنزلة ابتداء العقد ، بدليل أنه يجزئ فيه القبض لما يشترط قبضه ، والتعين لما في الذمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية