صفحة جزء
( 3258 ) فصل : ويجوز قرض المكيل والموزون بغير خلاف . قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم ، على أن استقراض ماله مثل من المكيل والموزون والأطعمة جائز . ويجوز قرض كل ما يثبت في الذمة سلما ، سوى بني آدم . وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يجوز قرض غير المكيل والموزون ; لأنه لا مثل له ، أشبه الجواهر . ولنا ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف بكرا ، وليس بمكيل ولا موزون . }

ولأن ما يثبت سلما ، يملك بالبيع ويضبط بالوصف ، فجاز قرضه ، كالمكيل والموزون . وقولهم : لا مثل له . خلاف أصلهم ، فإن عند أبي حنيفة ، لو أتلف على رجل ثوبا ، ثبت في ذمته مثله ، ويجوز الصلح عنه بأكثر من قيمته . فأما ما لا يثبت في الذمة سلما ، كالجواهر وشبهها ، فقال القاضي : يجوز فيها قرضها ، ويرد المستقرض القيمة ; لأن ما لا مثل له يضمن بالقيمة ، والجواهر كغيرها في القيم .

وقال أبو الخطاب : لا يجوز قرضها ، لأن القرض يقتضي رد المثل ، وهذه لا مثل لها . ولأنه لم ينقل قرضها ، ولا هي في معنى ما نقل القرض فيه ، لكونها ليست من المرافق ، ولا يثبت في الذمة سلما ، فوجب إبقاؤها على المنع . ويمكن بناء هذا الخلاف على الوجهين في الواجب في بدل غير المكيل والموزون ، فإذا قلنا : الواجب رد المثل . لم يجز قرض الجواهر وما لا يثبت في الذمة سلما ، لتعذر رد مثلها . وإن قلنا : الواجب رد القيمة . جاز قرضه ; لإمكان رد القيمة . ولأصحاب الشافعي وجهان كهذين .

التالي السابق


الخدمات العلمية