صفحة جزء
( 3264 ) فصل : فإن أقرضه مطلقا من غير شرط ، فقضاه خيرا منه في القدر ، أو الصفة ، أو دونه ، برضاهما ، جاز . وكذلك إن كتب له بها سفتجة ، أو قضاه في بلد آخر ، جاز . ورخص في ذلك ابن عمر ، وسعيد بن المسيب ، والحسن ، والنخعي ، والشعبي ، والزهري ، ومكحول ، وقتادة ، ومالك ، والشافعي ، وإسحاق ، وقال أبو الخطاب : إن قضاه خيرا منه ، أو زاده زيادة بعد الوفاء من غير مواطأة ، فعلى روايتين .

وروي عن أبي بن كعب ، وابن عباس ، وابن عمر ، أنه يأخذ مثل قرضه ، ولا يأخذ فضلا ; لأنه إذا أخذ فضلا كان قرضا جر منفعة . ولنا ، أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف بكرا ، فرد خيرا منه . وقال : { خيركم أحسنكم قضاء . } متفق عليه . وللبخاري : { أفضلكم أحسنكم قضاء } . ولأنه لم يجعل تلك الزيادة عوضا في القرض ، ولا وسيلة إليه ، ولا إلى استيفاء دينه ، فحلت ، كما لو لم يكن قرض .

وقال ابن أبي موسى : إذا زاده بعد الوفاء ، فعاد المستقرض بعد ذلك يلتمس منه قرضا ثانيا ، ففعل ، لم يأخذ منه إلا مثل ما أعطاه ، فإن أخذ زيادة ، أو أجود مما أعطاه ، كان حراما ، قولا واحدا . وإن كان الرجل معروفا بحسن القضاء ، لم يكره إقراضه . وقال القاضي : فيه وجه آخر ، أنه يكره ; لأنه يطمع في حسن عادته . وهذا غير صحيح ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان معروفا بحسن القضاء ، فهل يسوغ لأحد أن يقول : إن إقراضه مكروه ،

ولأن المعروف بحسن القضاء خير الناس وأفضلهم ، وهو أولى الناس بقضاء حاجته ، وإجابة مسألته ، وتفريج كربته ، فلا يجوز أن يكون ذلك مكروها ، وإنما يمنع من الزيادة المشروطة . ولو أقرضه مكسرة ، فجاءه مكانها بصحاح بغير شرط ، جاز . وإن جاءه بصحاح أقل منها ، فأخذها بجميع حقه ، لم يجز ، قولا واحدا ; لأن ذلك معاوضة للنقد بأقل منه ، فكان ربا .

التالي السابق


الخدمات العلمية