صفحة جزء
( 3297 ) فصل : ويصح رهن العصير ; لأنه يجوز بيعه ، وتعرضه للخروج عن المالية لا يمنع صحة رهنه ، كالمريض والجاني . ثم إن استحال إلى حال لا يخرج فيها عن المالية ، كالخل ، فالرهن بحاله ، وإن صار خمرا زال لزوم العقد ، ووجبت إراقته ، فإن أريق بطل العقد فيه ، ولا خيار للمرتهن ; لأن التلف حصل في يده . وإن عاد خلا ، عاد اللزوم ، بحكم العقد السابق ، كما لو زالت يد المرتهن عن الرهن ثم عادت إليه . وإن استحال خمرا قبل قبض المرتهن له ، بطل الرهن ، ولم يعد بعوده خلا ; لأنه عقد ضعيف لعدم القبض فيه ، فأشبه إسلام أحد الزوجين قبل الدخول . وذكر القاضي أن العصير إذا استحال خمرا بعد القبض ، بطل الرهن ، ثم إذا عاد خلا ، عاد ملكا لصاحبه ، مرهونا بالعقد السابق ; لأنه يعود مملوكا بحكم الملك الأول ، فيعود حكم الرهن أيضا ; لأنه زال بزوال الملك ، فيعود بعوده .

وهذا مذهب الشافعي . وقال مالك وأبو حنيفة : هو رهن بحاله ; لأنه كانت له قيمة حالة كونه عصيرا ، ويجوز أن يصير له قيمة ، فلا يزول الملك عنه ، كما لو ارتد الجاني ، ولأن اليد لم تزل عنه حكما ، ولهذا لو غصبه غاصب ، فتخلل في يده ، كان ملكا للمغصوب منه ، ولو زالت يده ، لكان ملكا للغاصب ، كما لو أراقه فجمعه إنسان ، فتخلل في يده ، كان له ، دون من أراقه . وهذا القول هو قولنا الأول في المعنى ، إلا أن يقولوا ببقاء اللزوم فيه حال كونه خمرا .

ولم يظهر لي فائدة الخلاف بعد اتفاقهم على عوده رهنا باستحالته خلا ، وأرى القول ببقائه رهنا أقرب إلى الصحة ; لأن العقد لو بطل لما عاد صحيحا من غير ابتداء عقد . فإن قالوا : يمكن عوده صحيحا لعود المعنى الذي بطل بزواله ، كما أن زوجة الكافر إذا أسلمت خرجت من حكم العقد ، لاختلاف دينهما ، فإذا أسلم الزوج في العدة ، عادت الزوجية بالعقد الأول ، لزوال الاختلاف في [ ص: 225 ] الدين .

قلنا : هناك ما زالت الزوجية ، ولا بطل العقد ، ولو بطل بانقضاء العدة لما عاد إلا بعقد جديد ، وإنما العقد كان موقوفا مراعى ، فإذا أسلم في العدة تبينا أنه لم يبطل ، وإن لم يسلم تبينا أنه كان قد بطل ، وها هنا قد جزمتم ببطلانه .

التالي السابق


الخدمات العلمية