صفحة جزء
( 352 ) مسألة : قال : ( ويضرب بيديه على الصعيد الطيب ، وهو التراب ) وجملة ذلك أنه لا يجوز التيمم إلا بتراب طاهر ذي غبار يعلق باليد ; لأن الله تعالى قال : { فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه } . قال ابن عباس : الصعيد تراب الحرث . وقيل في قوله تعالى : ( فتصبح صعيدا زلقا ) ترابا أملس . والطيب : الطاهر ، وبهذا قال الشافعي ، وإسحاق ، وأبو يوسف ، وداود . وقال مالك ، وأبو حنيفة : يجوز بكل حال ما كان من جنس الأرض ; كالنورة والزرنيخ والحجارة . وقال الأوزاعي : الرمل من الصعيد .

وقال حماد بن أبي سليمان : لا بأس أن يتيمم بالرخام ; لما روى البخاري ، [ ص: 156 ] عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا } . وعن أبي هريرة { ، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إنا نكون بالرمل فتصيبنا الجنابة ، والحيض ، والنفاس ، ولا نجد الماء أربعة أشهر أو خمسة أشهر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : عليكم بالأرض } .

ولأنه من جنس الأرض ، فجاز التيمم به كالتراب . ولنا الآية ; فإن الله سبحانه أمر بالتيمم بالصعيد ، وهو التراب ، فقال : { فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه } ، ولا يحصل المسح بشيء منه ، إلا أن يكون ذا غبار يعلق باليد ، وروي عن علي رضي الله عنه قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعطيت ما لم يعط نبي من أنبياء الله ، جعل لي التراب طهورا } . وذكر الحديث ، رواه الشافعي في " مسنده " ، ولو كان غير التراب طهورا لذكره فيما من الله تعالى به عليه ، وقد روى حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا } . فخص ترابها بكونه طهورا ; ولأن الطهارة اختصت بأعم المائعات وجودا ، وهو الماء ، فتختص بأعم الجامدات وجودا ، وهو التراب ، وخبر أبي ذر نخصه بحديثنا ، وخبر أبي هريرة يرويه المثنى بن الصباح ، وهو ضعيف

التالي السابق


الخدمات العلمية