صفحة جزء
( 3344 ) فصل : وإن جنى العبد المرهون على عبد لسيده ، لم يخل من حالين ; أحدهما ، أن لا يكون [ ص: 242 ] مرهونا ، فحكمه حكم الجناية على طرف سيده ، له القصاص إن كانت جنايته موجبة له ، وإن عفا على مال أو غيره ، أو كانت الجناية لا توجب القصاص ، ذهبت هدرا ، وسواء كان المجني عليه قنا أو مدبرا أو أم ولد . الحال الثاني ، أن يكون رهنا ، فلا يخلو إما أن يكون رهنا عند مرتهن القاتل ، أو عند غيره ، فإن كان عند مرتهن القاتل والجناية موجبة للقصاص ، فلسيده القصاص .

فإن اقتص ، بطل الرهن في المجني عليه ، وعليه قيمته للمقتص منه ، فإن عفا على مال ، أو كانت الجناية موجبة للمال ، وكانا رهنا بحق واحد فجنايته ، هدر ; لأن الحق يتعلق بكل واحد منهما ، فإذا قتل أحدهما ، بقي الحق متعلقا بالآخر ، وإن كان كل واحد منهما مرهونا بحق مفرد ، ففيه أربع مسائل ;

( 3345 ) المسألة الأولى ، أن يكون الحقان سواء ، وقيمتهما سواء ، فتكون الجناية هدرا ، سواء كان الحقان من جنسين ، مثل أن يكون أحدهما بمائة دينار والآخر ألف درهم قيمتها مائة دينار ، أو من جنس واحد ; لأنه لا فائدة في اعتبار الجناية .

( 3346 ) المسألة الثانية ، أن يختلف الحقان وتتفق القيمتان ، مثل أن يكون دين أحدهما مائة ودين الآخر مائتين ، وقيمة كل واحد منهما مائة ، فإن كان دين القاتل أكثر ، لم ينقل إلى دين المقتول ، لعدم الغرض فيه ، وإن كان دين المقتول أكثر ، نقل إلى القاتل ، لأن للمرتهن ، غرضا في ذلك . وهل يباع القاتل ، وتجعل قيمته رهنا مكان المقتول ، أو ينقل بحاله ؟ على وجهين ; أحدهما ، لا يباع ; لأنه لا فائدة فيه

والثاني ، يباع ; لأنه ربما زاد فيه مزايد ، فبلغه أكثر من ثمنه ، فإن عرض للبيع فلم يزد فيه ، لم يبع ، لعدم ذلك

( 3347 ) المسألة الثالثة ; أن يتفق الدينان وتختلف القيمتان ، بأن يكون دين كل واحد منهما مائة ، وقيمة أحدهما مائة ، والآخر مائتين ، فإن كانت قيمة المقتول أكثر ، فلا غرض في النقل ، فيبقى بحاله ، وإن كانت قيمة الجاني أكثر ، بيع منه بقدر جنايته ، يكون رهنا بدين المجني عليه ، والباقي رهن بدينه ، وإن اتفقا على تبقيته ونقل الدين إليه ، صار مرهونا بهما ، فإن حل أحد الدينين ، بيع بكل حال ; لأنه إن كان دينه المعجل بيع ليستوفى من ثمنه ، وما بقي منه رهن بالدين الآخر ، فإن كان المعجل الآخر بيع ليستوفى بقدره ، والباقي رهن بدينه

( 3348 ) المسألة الرابعة ، أن يختلف الدينان والقيمتان ، مثل أن يكون أحد الدينين خمسين والآخر ثمانين ، وقيمة أحدهما مائة والآخر مائتين ، فإن كان دين المقتول أكثر ، نقل إليه ، وإلا فلا . وأما إن كان المجني عليه رهنا عند غير مرتهن القاتل ، فللسيد القصاص ; لأنه مقدم على حق المرتهن ، بدليل أن الجناية الموجبة للمال مقدمة عليه ، فالقصاص أولى ، فإن اقتص ، بطل الرهن في المجني عليه ; لأن الجناية عليه لم توجب مالا يجعل رهنا مكانه ، وعليه قيمة المقتص منه ، وتكون رهنا ، لأنه أبطل حق الوثيقة فيه باختياره ، وللسيد العفو على مال ، فتصير الجناية كالجناية الموجبة للمال ، فيثبت المال في رقبة العبد ; لأن السيد لو جنى على العبد ، لوجب أرش [ ص: 243 ] جنايته لحق المرتهن ، فلأن يثبت على عبده أولى

فإن كان الأرش لا يستغرق قيمته ، بعنا منه بقدر أرش الجناية ، يكون رهنا عند مرتهن المجني عليه ، وباقيه باق عند مرتهنه ، وإن لم يمكن بيع بعضه ، بيع جميعه ، وقسم ثمنه بينهما على حسب ذلك ، يكون رهنا . وإن كانت الجناية تستغرق قيمته ، نقل الجاني ، فجعل رهنا عند الآخر . ويحتمل أن يباع ، لاحتمال أن يرغب فيه راغب أكثر من ثمنه ، فيفضل من قيمته شيء يكن رهنا عند مرتهنه . وهذا كله قول الشافعي .

التالي السابق


الخدمات العلمية