صفحة جزء
( 3429 ) فصل : وإن صدق المفلس البائع في الرجوع قبل التأبير ، وكذبه الغرماء ، لم يقبل إقراره ; لأن حقوقهم تعلقت بالثمرة ظاهرا ، فلم يقبل إقراره ، كما لو أقر بالنخيل ، وعلى الغرماء اليمين ، أنهم لا يعلمون أن البائع رجع قبل التأبير ; ولأن هذه اليمين لا ينوبون فيها عن المفلس ، بل هي ثابتة في حقهم ابتداء ، بخلاف ما لو ادعى حقا وأقام شاهدا فلم يحلف ، لم يكن للغرماء أن يحلفوا معه ; لأن اليمين ثم على المفلس ، فلو حلفوا حلفوا ليثبتوا حقا لغيرهم ، ولا يحلف الإنسان ليثبت لغيره حقا ، ولا يجوز أن يكون نائبا فيها ; لأن الأيمان لا تدخلها النيابة ، وفي مسألتنا الأصل أن هذا الطلع قد تعلقت حقوقهم به ، لكونه في يد غريمهم ، ومتصل بنخله ، والبائع [ ص: 276 ] يدعي ما يزيل حقوقهم عنه ، فأشبه سائر أعيان ماله ، ويحلفون على نفي العلم ; لأنه يمين على نفي الدين عن الميت

ولو أقر المفلس بعين من أعيان ماله لأجنبي ، أو لبعض غرمائه ، فأنكره الغرماء ، فالقول قولهم ، وعليهم اليمين أنهم لا يعلمون ذلك . وكذلك لو أقر بغريم آخر يستحق مشاركتهم ، فأنكروه ، فعليهم اليمين أيضا ، ويكون على نفي العلم لذلك . وإن أقر أنه ، أعتق عبده ، انبنى ذلك على صحة عتق المفلس

فإن قلنا : يصح عتقه صح إقراره ، وعتق ; لأن من ملك شيئا ملك الإقرار به ، ولأن الإقرار بالعتق يحصل به العتق ، فكأنه أعتقه في الحال . وإن قلنا : لا يصح عتقه . لم يقبل إقراره ، وكان على الغرماء اليمين أنهم لا يعلمون ذلك . وكل موضع قلنا على الغرماء اليمين ، فهو على جميعهم ، فإن حلفوا أخذوا ، وإن نكلوا قضي للمدعي بما ادعاه ، إلا أن نقول برد اليمين ، فترد على المدعي ، فيحلف ويستحق ، وإن حلف بعضهم دون بعض ، أخذ الحالف نصيبه ، وحكم الناكل ما ذكرناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية