صفحة جزء
( 3466 ) مسألة ; قال : ( وإذا مات ، فتبين أنه كان مفلسا ، لم يكن لأحد من الغرماء أن يأخذ عين ماله ) هذا الشرط الخامس لاستحقاق استرجاع عين المال من المفلس ، وهو أن يكون حيا ، فإن مات ، فالبائع أسوة الغرماء ، سواء علم بفلسه قبل الموت ، فحجر عليه ثم مات ، أو مات فتبين فلسه . وبهذا قال مالك وإسحاق وقال الشافعي : له الفسخ واسترجاع العين ; لما روى ابن خلدة الزرقي ، قاضي المدينة قال : أتينا أبا هريرة في صاحب لنا قد أفلس ، فقال أبو هريرة : هذا الذي قضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم { : أيما رجل مات ، أو أفلس ، فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه . } رواه أبو داود ، وابن ماجه . واحتجوا بعموم قوله : عليه السلام { من أدرك متاعه بعينه عند رجل ، أو إنسان ، قد أفلس ، فهو أحق به } .

ولأن هذا العقد يلحقه الفسخ بالإقالة ، فجاز فسخه لتعذر العوض ، كما لو تعذر المسلم فيه ، ولأن الفلس سبب لاستحقاق الفسخ ، فجاز الفسخ به بعد الموت كالعيب .

ولنا ، ما روى أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث المفلس { : فإن مات فصاحب المتاع أسوة الغرماء . } رواه أبو داود . وروى أبو اليمان ، عن الزبيدي ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : أيما امرئ مات ، وعنده مال امرئ بعينه ، اقتضى من ثمنه شيئا ، أو لم يقتض ، فهو أسوة الغرماء . } رواه ابن ماجه . .

ولأنه تعلق به حق غير المفلس والغرماء ، وهم الورثة فأشبه المرهون . وحديثهم مجهول الإسناد ، قال ابن المنذر : قال ابن عبد البر يرويه أبو المعتمر ، عن الزرقي ، وأبو المعتمر غير معروف بحمل العلم .

ثم هو غير معمول به إجماعا ; فإنه جعل المتاع لصاحبه بمجرد موت المشتري ، من غير شرط فلسه ، ولا تعذر وفائه ، ولا عدم قبض ثمنه ، والأمر بخلاف ذلك عند جميع العلماء ، إلا ما حكي عن الإصطخري من أصحاب الشافعي ، أنه قال : لصاحب السلعة أن يرجع فيها إذا مات المشتري ، وإن خلف وفاء . وهذا شذوذ عن أقوال أهل العلم ، وخلاف للسنة لا يعرج على مثله .

وأما الحديث الآخر ، فنقول به ، وإن صاحب المتاع أحق به إذا وجده عند المفلس ، وما وجده في مسألتنا عنده ، إنما وجده عند ورثته ، فلا يتناوله الخبر ، وإنما يدل بمفهومه على أنه لا يستحق الرجوع فيه ، ثم هو مطلق وحديثنا يقيده ، وفيه زيادة ، والزيادة من الثقة مقبولة .

وتفارق حالة الحياة حال الموت لأمرين ; أحدهما ، أن الملك في الحياة للمفلس ، وها هنا لغيره . والثاني ، أن ذمة المفلس خربت هاهنا خرابا لا يعود ، فاختصاص هذا بالعين يستضر به الغرماء كثيرا ، بخلاف حالة الحياة .

التالي السابق


الخدمات العلمية