صفحة جزء
( 3468 ) مسألة ; قال أبو القاسم رحمه الله : ( ومن أونس منه رشد ، دفع إليه ماله ، إذا كان قد بلغ ) الكلام في هذه المسألة في فصول ثلاثة :

( 3469 ) أحدها ، في وجوب دفع المال إلى المحجور عليه إذا رشد وبلغ ، وليس فيه اختلاف بحمد الله تعالى . قال ابن المنذر : اتفقوا على ذلك ، وقد أمر الله تعالى به في نص كتابه ، بقوله سبحانه : { وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم . } ولأن الحجر عليه إنما كان لعجزه عن التصرف في ماله على وجه المصلحة ، حفظا لماله عليه ، وبهذين المعنيين يقدر على التصرف ، ويحفظ ماله ، فيزول الحجر ، لزوال سببه .

ولا يعتبر في زوال الحجر عن المجنون إذا عقل حكم حاكم ، بغير خلاف ، ولا يعتبر ذلك في الصبي إذا رشد وبلغ . وبهذا قال الشافعي وقال مالك لا يزول إلا بحاكم . وهو قول بعض أصحاب الشافعي ; لأنه موضع اجتهاد ونظر ، فإنه يحتاج في معرفة البلوغ والرشد إلى اجتهاد ، فيوقف ذلك على حكم الحاكم ، كزوال الحجر عن السفيه .

ولنا ، أن الله تعالى أمر بدفع أموالهم إليهم عند البلوغ وإيناس الرشد ، فاشتراط حكم الحاكم زيادة تمنع الدفع عند وجوب ذلك بدون حكم الحاكم ، وهذا خلاف النص ، ولأنه حجر بغير حكم حاكم [ ص: 296 ] فيزول بغير حكمه ، كالحجر على المجنون ، وبهذا فارق السفيه .

وقد ذكر أبو الخطاب أن الحجر على السفيه يزول بزوال السفه . والأول أولى . فصار الحجر منقسما إلى ثلاثة أقسام ، قسم يزول بغير حكم حاكم ، وهو حجر المجنون ، وقسم لا يزول إلا بحاكم ، وهو حجر السفيه ، وقسم فيه الخلاف ، وهو حجر الصبي .

التالي السابق


الخدمات العلمية