صفحة جزء
( 3479 ) فصل : ولا يحجر عليه إلا الحاكم ، وبهذا قال الشافعي . وقال محمد يصير محجورا عليه بمجرد تبذيره ; لأن ذلك سبب الحجر ، فأشبه الجنون . ولنا : أن التبذير يختلف ، ويختلف فيه ، ويحتاج إلى الاجتهاد ، فإذا افتقر السبب إلى الاجتهاد ، لم يثبت إلا بحكم الحاكم ، كابتداء مدة العنة ، ولأنه حجر مختلف فيه ، فلم يثبت إلا بحكم الحاكم ، كالحجر على المفلس ، وفارق الجنون ; فإنه لا يفتقر إلى الاجتهاد ، ولا خلاف فيه ، ومتى حجر عليه ، ثم عاد فرشد ، فك الحجر عنه . ولا يزول إلا بحكم الحاكم . وبه قال الشافعي وقال أبو الخطاب : يزول السفه ; لأنه سبب الحجر ، فيزول بزواله ، كما في حق الصبي والمجنون . ولنا ، أنه حجر ثبت بحكم الحاكم ، فلا يزول إلا به ، كحجر المفلس ، ولأن الرشد يحتاج إلى تأمل واجتهاد في معرفته ، وزوال تبذيره ، فكان كابتداء الحجر عليه . وفارق الصبي والمجنون ; فإن الحجر عليهما بغير حكم حاكم ، فيزول بغير حكمه .

ولأننا لو وقفنا تصرف الناس على الحاكم ، كان أكثر الناس محجورا عليه . قال أحمد : والشيخ الكبير ينكر عقله ، يحجر عليه . يعني : إذا كبر ، واختل عقله ، حجر عليه ، بمنزلة المجنون ; لأنه يعجز بذلك عن التصرف في ماله على وجه المصلحة ، وحفظه ، فأشبه الصبي والسفيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية