صفحة جزء
( 369 ) مسألة : قال : ( وإذا كان به قرح أو مرض مخوف ، وأجنب ، فخشي على نفسه إن أصابه الماء ، غسل الصحيح من جسده ، وتيمم لما لم يصبه الماء ) هذه المسألة دالة على أحكام منها : إباحة التيمم للجنب ، وهو قول جمهور العلماء منهم : علي ، وابن عباس ، وعمرو بن العاص ، وأبو موسى ، وعمار ، وبه قال الثوري ، ومالك ، والشافعي ، وأبو ثور ، وإسحاق ، وابن المنذر ، وأصحاب الرأي .

وكان ابن مسعود لا يرى التيمم للجنب ، ونحوه عن عمر ، رضي الله عنهما ، وروى البخاري عن شقيق بن سلمة ، أن أبا موسى ناظر ابن مسعود في ذلك ، واحتج عليه بحديث عمار ، وبالآية التي في المائدة ، قال : فما درى عبد الله ما يقول ، فقال : إنا لو رخصنا لهم في هذا لأوشك إذا برد على أحدهم الماء أن يدعه ويتيمم . وقال الترمذي : ويروى عن ابن مسعود أنه رجع عن قوله .

ومما يدل على إباحة التيمم للجنب : ما روى عمران بن حصين { ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا معتزلا لم يصل مع القوم ، فقال : يا فلان ، ما منعك أن تصلي مع القوم ؟ . فقال : أصابتني جنابة ، ولا ماء . قال : عليك بالصعيد ، فإنه يكفيك } . متفق عليه . وحديث أبي ذر ، وعمرو بن العاص ، وحديث جابر في الذي أصابته الشجة ; لأنه حدث فيجوز له التيمم ، كالحدث الأصغر ،

ومنها أن الجريح والمريض إذا خاف على نفسه من استعمال الماء ، جاز له التيمم ، هذا قول أكثر أهل العلم ; منهم ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وطاوس ، والنخعي ، وقتادة ، ومالك ، والشافعي . ولم يرخص له عطاء في التيمم إلا عند عدم الماء ; لظاهر الآية ، ونحوه عن الحسن في المجدور الجنب ، قال : لا بد من الغسل ولنا قول الله تعالى : { ولا تقتلوا أنفسكم } . وحديث عمرو بن العاص حين تيمم من خوف البرد ، وحديث ابن عباس ، وجابر في الذي أصابته الشجة ; ولأنه يباح له التيمم إذا خاف العطش ، أو خاف من سبع ، فكذلك هاهنا ، فإن الخوف لا يختلف ، وإنما اختلفت جهاته .

التالي السابق


الخدمات العلمية