صفحة جزء
( 3512 ) فصل : إذا صالح رجلا على موضع قناة من أرضه يجري فيها ماء ، بينا موضعها وعرضها وطولها ، جاز ; لأن ذلك بيع لموضع من أرضه ، ولا حاجة إلى بيان عمقه ; لأنه إذا ملك الموضع كان له إلى تخومه ، فله أن يترك فيه ما شاء . وإن صالحه على إجراء الماء في ساقية من أرض رب الأرض ، مع بقاء ملكه عليها ، فهذا إجارة للأرض ، فيشترط تقدير المدة ; لأن هذا شأن الإجارة . فإن كانت الأرض في يد رجل بإجارة ، جاز له أن يصالح رجلا على إجراء الماء فيها في ساقية محفورة مدة لا تجاوز مدة إجارته . وإن لم تكن الساقية محفورة لم يجز أن يصالحه على ذلك ; لأنه لا يجوز إحداث ساقية في أرض في يده بإجارة .

فأما إن كانت الأرض في يده وقفا عليه ، فقال القاضي : هو كالمستأجر ، له أن يصالح إجراء الماء في ساقية محفورة في مدة معلومة ، وليس له أن يحفر فيها ساقية ; لأنه لا يملكها ، إنما يستوفي منفعتها ، كالأرض المستأجرة سواء . وهذا كله مذهب الشافعي والأولى أنه يجوز له حفر الساقية ; لأن الأرض له ، وله التصرف فيها كيفما شاء ، ما لم ينقل الملك فيها إلى غيره ، بخلاف المستأجر ، فإنه إنما يتصرف فيها بما أذن له فيه ، فكان الموقوف عليه بمنزلة المستأجر إذا أذن له في الحفر ، فإن مات الموقوف عليه في أثناء المدة ، فهل لمن انتقل إليه فسخ الصلح فيما بقي من المدة ؟ على وجهين ، بناء على ما إذا آجره مدة ، فمات في أثنائها . فإن قلنا : له فسخ الصلح . ففسخه ، رجع المصالح على ورثة الذي صالحه بقسط ما بقي من المدة . وإن قلنا : ليس له الفسخ . رجع من انتقل إليه الوقف على الورثة .

التالي السابق


الخدمات العلمية