صفحة جزء
( 3514 ) فصل : وإذا أراد أن يجري ماء في أرض غيره لغير ضرورة ، لم يجز إلا بإذنه ، وإن كان لضرورة ، مثل أن يكون له أرض للزراعة ، لها ماء لا طريق له إلا أرض جاره ، فهل له ذلك ؟ على روايتين ، إحداهما ، لا يجوز ; لأنه تصرف في أرض غيره بغير إذنه ، فلم يجز ، كما لو لم تدع إليه ضرورة ، ولأن مثل هذه الحاجة لا تبيح مال غيره ، بدليل أنه لا يباح له الزرع في أرض غيره ، ولا البناء فيها ، ولا الانتفاع بشيء من منافعها المحرمة عليه قبل هذه الحاجة .

والأخرى يجوز ; لما روي أن الضحاك بن خليفة ساق خليجا من العريض ، فأراد أن يمر به في أرض محمد بن مسلمة ، فأبى ، فقال له الضحاك : لم تمنعني وهو منفعة لك ، تشربه أولا وآخرا ، ولا يضرك ؟ فأبى محمد ، فكلم فيه الضحاك عمر ، فدعا محمد بن مسلمة ، وأمره أن يخلي سبيله . فقال محمد : لا والله . فقال له عمر : لم تمنع أخاك ما ينفعه ، وهو لك نافع ، تشربه أولا وآخرا ؟ فقال محمد : لا والله . فقال عمر : والله ليمرن به ولو على بطنك . فأمره عمر أن يمر به ، ففعله . رواه مالك في " موطئه " ، وسعيد في " سننه " . والأول أقيس ، وقول عمر يخالفه قول محمد بن مسلمة ، وهو موافق للأصول ، فكان أولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية