صفحة جزء
( 3529 ) فصل : وإذا أذن صاحب الحائط لجاره في البناء على حائطه ، أو وضع سترة عليه ، أو وضع خشبه عليه في الموضع الذي لا يستحق وضعه ، جاز ، فإذا فعل ما أذن له فيه ، صارت العارية لازمة ، فإذا رجع المعير فيها ، لم يكن له ذلك ، ولم يلزم المستعير إزالة ما فعله ; لأن إذنه اقتضى البقاء والدوام ، وفي القلع إضرار به ، فلا يملك ذلك المعير ، كما لو أعاره أرضا للدفن والغراس ، لم يملك المطالبة بنقل الميت والغراس بغير ضمان .

وإن أراد هدم الحائط لغير حاجة ، لم يكن له ذلك ; لأن المستعير قد استحق تبقية الخشب عليه ، ولا ضرر في تبقيته . وإن كان مستهدما ، فله نقضه . وعلى صاحب البناء والخشب إزالته . وإذا أعيد الحائط لم يملك المستعير رد بنائه وخشبه إلا بإذن جديد ، سواء بناه بآلته أو غيرها . وهكذا لو قلع المستعير خشبا ، أو سقط بنفسه ، لم يكن له رده إلا بإذن مستأنف ; لأن المنع من القلع إنما كان لما فيه من الضرر ، وها هنا قد حصل القلع بغير فعله ، [ ص: 326 ] فأشبه ما لو كان في الأرض شجر فانقلع . وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعي ، وقالوا في الآخر : ذلك لأنه قد استحق بقاء ذلك على التأبيد . وليس كذلك ; فإنه إنما استحق الإبقاء ضرورة دفع ضرر القلع ، وقد حصل القلع هاهنا ، فلا يبقى الاستحقاق .

وإن قلع صاحب الحائط ذلك عدوانا ، كان للآخر إعادته ; لأنه أزيل بغير حق ، تعديا ممن عليه الحق ، فلم يسقط الحق عنه بعدوانه . وإن أزاله أجنبي ، لم يملك صاحبه إعادته بغير إذن المالك ; لأنه زال بغير عدوان ، منه ، فأشبه ما لو سقط بنفسه .

التالي السابق


الخدمات العلمية