صفحة جزء
( 3569 ) فصل : فإن كان عليه ألف ضمنه رجل ، فأحال الضامن صاحب الدين به ، برئت ذمته وذمة المضمون عنه ; لأن الحوالة كالتسليم ، ويكون الحكم هاهنا كالحكم فيما لو قضى عنه الدين . فإن كان الألف على رجلين ، على كل واحد منهما خمسمائة ، وكل واحد كفيل عن الآخر بذلك ، فأحاله أحدهما بالألف ، برئت ذمتهما معا ، كما لو قضاها . وإن أحال صاحب الألف رجلا على أحدهما بعينه بالألف ، صحت الحوالة ; لأن الدين على كل واحد منهما مستقر .

وإن أحال عليهما جميعا ، ليستوفي منهما ، أو من أيهما شاء صحت الحوالة أيضا عند القاضي ; لأنه لا فضل هاهنا في نوع ولا أجل ولا عدد ، وإنما هو زيادة استيثاق ، فلم يمنع ذلك صحة الحوالة ، كحوالة المعسر على المليء . وقال بعض أصحاب الشافعي : لا تصح الحوالة ; لأن الفضل قد دخلها ، فإن المحتال ارتفق بالتخيير بالاستيفاء منهما ، أو من أيهما شاء ، فأشبه ما لو أحاله على رجلين له على كل واحد منهما ألف ليستوفي من أيهما شاء .

والأول أصح . والفرق بين هذه المسألة ، وبين ما إذا أحاله بألفين ، أنه لا فضل بينهما في العدد هاهنا ، وثم تفاضلا فيه ، ولأن الحوالة هاهنا بألف معين ، وثم الحوالة بأحدهما من غير تعيين ، وأنه إذا قضاه أحدهما الألف فقد قضى جميع الدين ، وثم إذا قضى أحدهما بقي ما على الآخر ، ولو لم يكن كل واحد من الرجلين ضامنا عن صاحبه ، فأحال عليهما ، صحت الحوالة بغير إشكال ; لأنه لما كان له أن يستوفي الألف من واحد ، كان له أن يستوفي من اثنين ، كالوكيلين .

التالي السابق


الخدمات العلمية