صفحة جزء
ومنها أن الطهارة من النجاسة لا تحصل إلا بما يحصل به طهارة الحدث ; لدخوله في عموم الطهارة ، وبهذا قال مالك والشافعي ومحمد بن الحسن وزفر وقال أبو حنيفة يجوز إزالة النجاسة بكل مائع طاهر مزيل للعين والأثر ، كالخل ، وماء الورد ، ونحوهما . وروي عن أحمد ما يدل على مثل ذلك ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا } .

أطلق الغسل ، فتقييده بالماء يحتاج إلى دليل ; ولأنه مائع طاهر مزيل ، فجازت إزالة النجاسة به ، كالماء ، فأما ما لا يزيل كالمرق واللبن فلا خلاف في أن النجاسة لا تزال به .

ولنا ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { قال لأسماء بنت أبي بكر إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة فلتقرصه ، ثم لتنضحه بماء ، ثم لتصل فيه . } أخرجه البخاري ، وعن أنس رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذنوب من ماء فأهريق على بول الأعرابي } . متفق عليه ،

وهذا أمر يقتضي الوجوب ; ولأنها طهارة تراد للصلاة ، فلا تحصل بغير الماء ، كطهارة الحدث ، ومطلق حديثهم مقيد بحديثنا ، والماء يختص بتحصيل إحدى الطهارتين ، فكذلك الأخرى .

التالي السابق


الخدمات العلمية