صفحة جزء
( 3648 ) فصل : وأما شركة المفاوضة فنوعان ; أحدهما ، أن يشتركا في جميع أنواع الشركة ، مثل أن يجمعا بين شركة العنان والوجوه والأبدان ، فيصح ذلك ، لأن كل نوع منها يصح على انفراده ، فصح مع غيره . والثاني ، أن يدخلا بينهما في الشركة الاشتراك فيما يحصل لكل واحد منهما من ميراث ، أو يجده من ركاز أو لقطة ، ويلزم كل واحد منهما ما يلزم الآخر من أرش جناية ، وضمان غصب ، وقيمة متلف ، وغرامة الضمان ، أو كفالة ، فهذا فاسد .

وبهذا قال الشافعي وأجازه الثوري ، والأوزاعي ، وأبو حنيفة وحكي ذلك عن مالك . وشرط أبو حنيفة لها شروطا ، وهي أن يكونا حرين مسلمين ، وأن يكون مالهما في الشركة سواء ، وأن يخرجا جميع ما يملكانه من جنس الشركة ، وهو الدراهم والدنانير . واحتجوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { : إذا تفاوضتم فأحسنوا المفاوضة } . ولأنها نوع شركة يختص باسم ، فكان فيها صحيح كشركة العنان .

ولنا : أنه عقد لا يصح بين الكافرين ، ولا بين كافر ومسلم ، فلم يصح بين المسلمين ، كسائر العقود الفاسدة ، ولأنه عقد لم يرد الشرع بمثله ، فلم يصح ، كما ذكرنا ، ولأن فيه غررا ، فلم يصح ، كبيع الغرر ، وبيان غرره أنه يلزم كل واحد ما لزم الآخر ، وقد يلزمه شيء لا يقدر على القيام به ، وقد أدخلا فيه الأكساب النادرة ، والخبر لا نعرفه ، ولا رواه أصحاب السنن ، ثم ليس فيه ما يدل على أنه أراد هذا العقد ، فيحتمل أنه أراد المفاوضة في الحديث ولهذا روي فيه { : ولا تجادلوا ، فإن المجادلة من الشيطان } .

وأما القياس : فلا يصح . فإن اختصاصها باسم لا يقتضي الصحة ، كبيع المنابذة والملامسة وسائر البيوع الفاسدة ، وشركة العنان تصح من الكافرين والكافر والمسلم ، بخلاف هذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية