صفحة جزء
( 3682 ) فصل : إذا تعدى المضارب ، وفعل ما ليس له فعله ، أو اشترى شيئا نهي عن شرائه ، فهو ضامن للمال ، في قول أكثر أهل العلم . روي ذلك عن أبي هريرة ، وحكيم بن حزام ، وأبي قلابة ، ونافع ، وإياس ، والشعبي ، والنخعي ، والحكم ، وحماد ، ومالك والشافعي ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي . وعن علي رضي الله عنه : لا ضمان على من شورك في الربح .

وروي معنى ذلك عن الحسن والزهري ولنا أنه ، متصرف في مال غيره بغير إذنه فلزمه الضمان ، كالغاصب . ولا نقول بمشاركته في الربح ، فلا [ ص: 32 ] يتناوله قول علي رضي الله عنه ومتى اشترى ما لم يؤذن فيه ، فربح فيه ، فالربح لرب المال ، نص عليه أحمد . وبه قال أبو قلابة ، ونافع وعن أحمد ، أنهما يتصدقان بالربح . وبه قال الشعبي ، والنخعي ، والحكم ، وحماد .

قال القاضي : قول أحمد : يتصدقان بالربح . على سبيل الورع ، وهو لرب المال في القضاء . وهذا قول الأوزاعي . وقال إياس بن معاوية ، ومالك : الربح على ما شرطاه ; لأنه نوع تعد ، فلا يمنع كون الربح بينهما على ما شرطاه ، كما لو لبس الثوب ، وركب دابة ليس له ركوبها .

وقال القاضي : إذا اشترى في الذمة ، ثم نقد المال ، فالربح لرب المال . وإن اشترى بعين المال ، فالشراء باطل ، في إحدى الروايتين . والأخرى هو موقوف على إجازة المالك ، فإن أجازه ، صح ، وإلا بطل . والمذهب الأول ، نص عليه أحمد ، في رواية الأثرم . وقال أبو بكر : لم يرو أنه يتصدق بالربح إلا حنبل . واحتج أحمد بحديث عروة البارقي ، وهو ما روى أبو لبيد ، عن عروة بن الجعد ، قال : { عرض للنبي صلى الله عليه وسلم جلب ، فأعطاني دينارا ، فقال : عروة ، ائت الجلب ، فاشتر لنا شاة . فأتيت الجلب ، فساومت صاحبه ، فاشتريت شاتين بدينار ، فجئت أسوقهما أو أقودهما ، فلقيني رجل بالطريق ، فساومني ، فبعت منهما شاة بالدينار ، فجئت بالدينار وبالشاة ، فقلت : يا رسول الله ، هذا ديناركم ، وهذه شاتكم . قال : وكيف صنعت ؟ فحدثته الحديث ، فقال : اللهم بارك له في صفقة يمينه . } رواه الأثرم .

ولأنه نماء مال غيره ، بغير إذن مالكه ، فكان لمالكه ، كما لو غصب حنطة فزرعها . فأما المضارب ، ففيه روايتان ; إحداهما ، لا شيء له ; لأنه عقد عقدا لم يؤذن له فيه ، فلم يكن له شيء ، كالغاصب .

وهذا اختيار أبي بكر . والثانية ، له أجر ; لأن رب المال رضي بالبيع ، وأخذ الربح ، فاستحق العامل عوضا ، كما لو عقده بإذن .

وفي قدر الأجر روايتان ; إحداهما ، أجر ، مثله ، ما لم يحط بالربح ; لأنه عمل ما يستحق به العوض ، ولم يسلم له المسمى ، فكان له أجر مثله ، كالمضاربة . الفاسدة ، والثانية ، له الأقل من المسمى أو أجر المثل ; لأنه إن كان الأقل المسمى ، فقد رضي به ، فلم يستحق أكثر منه ، وإن كان الأقل أجر المثل ، لم يستحق أكثر منه ; لأنه لم يعمل ما رضي به . وإن قصد الشراء لنفسه ، فلا أجر له ، رواية واحدة .

وقال القاضي وأبو الخطاب : إن اشترى في ذمته ، ثم نقد المال ، فلا أجر له ، رواية واحدة ، وإن اشترى بعين المال ، فعلى روايتين .

التالي السابق


الخدمات العلمية