صفحة جزء
( 3709 ) فصل : وفي المضاربة الفاسدة فصول ثلاثة : ( 3710 ) الفصل الأول : أنه إذا تصرف نفذ تصرفه ; لأنه أذن له فيه فإذا بطل العقد بقي الإذن فملك به التصرف ، كالوكيل . فإن قيل : فلو اشترى الرجل شراء فاسدا ، ثم تصرف فيه ، لم ينفذ تصرفه ، مع أن البائع قد أذن له في التصرف .

قلنا : لأن المشتري يتصرف من جهة الملك لا بالإذن ، فإن أذن له البائع كان على أنه ملك المأذون له فإذا لم يملك ، لم يصح ، وها هنا أذن له رب المال في التصرف في ملك نفسه ، وما شرطه من الشرط الفاسد فليس بمشروط في مقابلة الإذن ; لأنه أذن له في تصرف يقع له .

( 3711 ) الفصل الثاني : أن الربح جميعه لرب المال ; لأنه نماء ماله ، وإنما يستحق العامل بالشرط ، فإذا فسدت المضاربة فسد الشرط ، فلم يستحق منه شيئا ، ولكن له أجر مثله . نص عليه أحمد .

وهو مذهب الشافعي . واختار الشريف أبو جعفر أن الربح بينهما على ما شرطاه ، واحتج بما روي عن أحمد أنه قال : إذا اشتركا في العروض ، قسم الربح على ما شرطاه . قال : وهذه الشركة فاسدة . واحتج بأنه عقد يصح مع الجهالة ، فيثبت المسمى في فاسده ، كالنكاح . قال : ولا أجر له . وجعل أحكامها كلها كأحكام الصحيحة . وقد ذكرنا هذا .

قال القاضي أبو يعلى : والمذهب ما حكينا ، وكلام أحمد محمول على أنه صحح الشركة بالعروض . وحكي عن مالك أنه يرجع إلى قراض المثل . وحكي عنه : إن لم يربح فلا أجر له . ومقتضى هذا أنه إن ربح ، فله الأقل مما شرط له أو أجر مثله .

ويحتمل أن يثبت عندنا مثل هذا ; لأنه إذا كان الأقل ما شرط له فقد رضي به ، فلا يستحق أكثر منه ، كما لو تبرع بالعمل الزائد ، ولنا أن تسمية الربح من توابع المضاربة ، أو ركن من أركانها ، فإذا فسدت فسدت أركانها وتوابعها ، كالصلاة ولا نسلم في النكاح وجوب المسمى إذا كان العقد فاسدا ، وإذا لم يجب له المسمى ، وجب أجر المثل ; لأنه إنما عمل ليأخذ المسمى ، فإذا لم يحصل له المسمى وجب رد عمله إليه ، وذلك متعذر ، فتجب قيمته ، وهو أجر مثله ، كما لو تبايعا بيعا فاسدا ، وتقابضا ، وتلف أحد العوضين في يد القابض له ، وجب رد قيمته .

فعلى هذا سواء ظهر في المال ربح أو لم يظهر ، فأما إن رضي المضارب بالعمل بغير عوض ، مثل أن يقول : قارضتك والربح كله لي . فالصحيح أنه لا شيء للمضارب هاهنا ; لأنه تبرع بعمله ، فأشبه ما لو أعانه في شيء ، أو توكل له بغير جعل ، أو أخذ له بضاعة . [ ص: 43 ] الفصل الثالث ، في الضمان ، ولا ضمان عليه فيما يتلف بغير تعديه وتفريطه ; لأن ما كان القبض في صحيحه مضمونا ، كان مضمونا في فاسده ، وما لم يكن مضمونا في صحيحه ، لم يضمن في فاسده .

وبهذا قال الشافعي . وقال أبو يوسف ومحمد : يضمن . ولنا ، أنه عقد لا يضمن ما قبضه في صحيحه ، فلم يضمنه في فاسده ، كالوكالة ، ولأنها إذا فسدت صارت إجارة ، والأجير لا يضمن سكنى ما تلف بغير تعديه ولا فعله ، فكذا هاهنا . وأما الشركة إذا فسدت ، فقد ذكرناها قبل هذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية