صفحة جزء
( 3727 ) فصل : إذا كان عبد بين رجلين ، فباعه أحدهما بأمر الآخر بألف ، وقال : لم أقبض ثمنه . وادعى المشتري أنه قبضه ، وصدقه الذي لم يبع ، برئ المشتري من نصف ثمنه ; لاعتراف شريك البائع بقبض وكيله حقه ، فبرئ المشتري منه ، كما لو أقر أنه قبضه بنفسه ، وتبقى الخصومة بين البائع وشريكه والمشتري .

فإن خاصمه شريكه ، وادعى عليه إنك قبضته نصيبي من الثمن . فأنكر ، فالقول قوله مع يمينه إن لم يكن للمدعي بينة ، وإن كانت له بينة قضي بها عليه ، ولا تقبل شهادة المشتري له ; لأنه يجر بها إلى نفسه نفعا . وإن خاصم [ ص: 47 ] البائع المشتري ، فادعى المشتري أنه دفع إليه الثمن ، وأنكر البائع ، فالقول قوله مع يمينه ; لأنه منكر . فإذا حلف ، أخذ من المشتري نصف الثمن ، ولا يشاركه فيه شريكه ; لأنه معترف أنه يأخذه ظلما ، فلا يستحق مشاركته فيه .

وإن كانت للمشتري بينة ، حكم بها ، ولا تقبل شهادة شريكه عليه ; لأنه يجر بها إلى نفسه نفعا ، ومن شهد بشهادة تجر إلى نفسه نفعا بطلت شهادته في الكل ، ولا فرق بين مخاصمة الشريك قبل مخاصمة المشتري أو بعدها . وإن ادعى المشتري أن شريك البائع قبض الثمن منه ، فصدقه البائع ، نظرت ، فإن كان البائع أذن لشريكه في القبض ، فهي كالتي قبلها ، وإن لم يأذن له في القبض ، لم تبرأ ذمة المشتري من شيء من الثمن ; لأن البائع لم يوكله في القبض ، فقبضه له لا يلزمه ، ولا يبرأ المشتري منه ، كما لو دفعه إلى أجنبي .

ولا يقبل قول المشتري على شريك البائع ; لأنه ينكره ، وللبائع المطالبة بقدر نصيبه لا غير ; لأنه مقر أن شريكه قبض حقه . ويلزم المشتري دفع نصيبه إليه ، ولا يحتاج إلى أمين ; لأن المشتري مقر ببقاء حقه . وإن دفعه إلى شريكه ، لم تبرأ ذمته ، فإذا قبض حقه ، فلشريكه مشاركته فيما قبض ; لأن الدين لهما ثابت بسبب واحد ، فما قبض منه يكون بينهما ، كما لو كان ميراثا .

وله أن لا يشاركه ، ويطالب المشتري بحقه كله . ويحتمل أن لا يملك الشريك مشاركته فيما قبض ; لأن كل واحد منهما يستحق ثمن نصيبه الذي ينفرد به ، فلم يكن لشريكه مشاركته فيما قبض من ثمنه ، كما لو باع كل واحد منهما نصيبه في صفقة . ويخالف الميراث ; لأن سبب استحقاق الورثة لا يتبعض ، فلم يكن للورثة تبعيضه ، وها هنا يتبعض ; لأنه إذا كان البائع اثنين كان بمنزلة عقدين ، ولأن الوارث نائب عن الموروث ، فكان ما يقبضه للموروث يشترك فيه جميع الورثة ، بخلاف . مسألتنا ، فإن ما يقبضه لنفسه .

فإن قلنا : له مشاركته فيما قبض . فعليه اليمين أنه لم يستوف حقه من المشتري ، ويأخذ من القابض نصف ما قبضه ، ويطالب المشتري ببقية حقه ، إذا حلف له أيضا أنه ما قبض منه شيئا . وليس للمقبوض منه أن يرجع على المشتري بعوض ما أخذ منه ; لأنه مقر أن المشتري قد برئت ذمته في حق شريكه ، وإنما أخذ منه ظلما ، فلا يرجع بما ظلمه هذا على غيره .

وإن خاصم المشتري شريك البائع ، فادعى عليه أنه قبض الثمن منه ، فكانت له بينة ، حكم بها . وتقبل شهادة البائع له إذا كان عدلا ; لأنه لا يجر إلى نفسه نفعا ، ولا يدفع عنها ضررا ; لأنه إذا ثبت أن شريكه قبض الثمن ، لم يملك مطالبته بشيء ، لأنه ليس بوكيل له في القبض ، فلا يقع قبضه له . هكذا ذكره بعض أصحابنا ، وعندي لا تقبل شهادته له ; لأنه يدفع عن نفسه ضرر مشاركة شريكه له فيما يقبضه من المشتري .

وإذا لم تكن بينة ، فحلف ، أخذ من المشتري نصف الثمن ، وإن نكل ، أخذ المشتري منه نصفه .

التالي السابق


الخدمات العلمية