صفحة جزء
( 3746 ) فصل : ولا تصح الوكالة إلا في تصرف معلوم . فإن قال : وكلتك في كل شيء . أو في كل قليل وكثير . أو في كل تصرف يجوز لي . أو في كل مالي التصرف فيه . لم يصح . وبهذا قال أبو حنيفة ، والشافعي . وقال ابن أبي ليلى : يصح ، ويملك به كل ما تناوله لفظه ; لأنه لفظ عام ، فصح فيما يتناوله ، كما لو قال : بع مالي كله .

ولنا ، أن في هذا غررا عظيما ، وخطرا كبيرا ; لأنه تدخل فيه هبة ماله ، وطلاق نسائه ، وإعتاق رقيقه ، وتزوج نساء كثيرة . ويلزمه المهور الكثيرة ، والأثمان العظيمة ، فيعظم الضرر . وإن قال : اشتر لي ما شئت . لم يصح ; لأنه قد يشتري ما لا يقدر على ثمنه . وقد روي عن أحمد ، ما يدل على صحته ; لقوله في رجلين ، قال كل واحد منهما لصاحبه : ما اشتريت من شيء فهو بيننا : إنه جائز . وأعجبه .

ولأن الشريك والمضارب وكيلان في شراء ما شاء . فعلى هذا ليس له أن يشتري إلا بثمن المثل فما دون ، ولا يشتري ما لا يقدر الموكل على ثمنه ، ولا ما لا يرى المصلحة له في شرائه . وإن قال : بع مالي كله ، واقبض ديوني كلها . صح ; لأنه قد يعرف ماله وديونه . وإن قال : بع ما شئت من مالي ، واقبض ما شئت من ديوني . جاز ; لأنه إذا جاز التوكيل في الجميع ، ففي بعضه أولى .

وإن قال : اقبض ديني كله ، وما يتجدد في المستقبل . صح . وقال أصحاب الشافعي : إذا قال : بع ما شئت من مالي . لم يجز . وإن قال : من عبيدي . جاز ; لأنه محصور بالجنس . [ ص: 56 ] ولنا ، أن ما جاز التوكيل في جميعه ، جاز في بعضه ، كعبده . وإن قال : اشتر لي عبدا ، تركيا ، أو ثوبا هرويا . صح .

وإن قال : اشتر لي عبدا ، أو قال ثوبا ولم يذكر جنسه ، صح أيضا . وقال أبو الخطاب : لا يصح . وهو مذهب الشافعي ، لأنه مجهول . ولنا ، أنه توكيل في شراء عبده ، فلم يشترط ذكر نوعه ، كالقراض . ولا يشترط ذكر قدر الثمن . ذكره القاضي . وقال أبو الخطاب : لا يصح حتى يذكر قدر الثمن .

وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي ; لأن العبيد تتفاوت من الجنس الواحد ، وإنما تتميز بالثمن . ولنا ، أنه إذا ذكر نوعا ، فقد أذن في أغلاه ثمنا ، فيقل الغرر ، ولأن تقدير الثمن يضر ، فإنه قد لا يجد بقدر الثمن . ومن اعتبر ذكر الثمن ، جوز أن يذكر له أكثر الثمن وأقله .

التالي السابق


الخدمات العلمية