صفحة جزء
( 3812 ) فصل : ولو حضر عند الحاكم رجل ، فادعى أنه وكيل فلان الغائب ، في شيء عينه ، وأحضر بينة تشهد له بالوكالة ، سمعها الحاكم . ولو ادعى حقا لموكله قبل ثبوت وكالته ، لم يسمع الحاكم دعواه . وبه قال مالك والشافعي . وقال أبو حنيفة لا يسمعها إلا أن يقدم خصما من خصماء الموكل ، فيدعي عليه حقا ، فإذا أجاب المدعى عليه حينئذ يسمع الحاكم البينة ، فحصل الخلاف بيننا في حكمين : أحدهما ، أن الحاكم عندنا يسمع البينة على الوكالة من غير حضور خصم ، وعنده لا يسمع .

والثاني ، أنه لا تسمع دعواه لموكله قبل ثبوت وكالته ، وعنده تسمع . وبنى أبو حنيفة على أصله في أن القضاء على الغائب لا يجوز ، وسماع البينة بالوكالة من غير خصم قضاء على الغائب ، وأن الوكالة لا تلزم الخصم ، ما لم يجب الوكيل عن دعوى الخصم أنك لست بوكيل .

ولنا ، أنه إثبات للوكالة ، فلم يفتقر إلى حضور الموكل عليه ، كما لو كان الموكل عليه جماعة فأحضر واحد منهم ، فإن الباقين لا يفتقر إلى حضورهم ، كذلك هاهنا . والدليل على أن الدعوى لا تسمع قبل ثبوت الوكالة [ ص: 86 ] أنها لا تسمع إلا من خصم يخاصم عن نفسه أو عن موكله ، وهذا لا يخاصم عن نفسه ، ولم يثبت أنه وكيل لمن يدعي له ، فلا تسمع دعواه ، كما لو ادعى لمن لم يدع وكالته ، وفي هذا الأصل جواب عما ذكره .

التالي السابق


الخدمات العلمية