صفحة جزء
( 3828 ) مسألة ; قال : ( ومن ادعي عليه شيء ، فقال : قد كان له علي وقضيته . لم يكن ذلك إقرارا ) حكى ابن أبي موسى في هذه المسألة روايتين ; إحداهما ، أن هذا ليس بإقرار . اختاره القاضي ، وقال : لم أجد عن أحمد رواية بغير هذا .

والثانية ، أنه مقر بالحق ، مدع لقضائه ، فعليه البينة بالقضاء ; وإلا حلف غريمه وأخذ . واختاره أبو الخطاب وهو قول أبي حنيفة لأنه أقر بالدين ، وادعى القضاء ، فلم تقبل دعواه ، كما لو ادعى القضاء بكلام منفصل ، ولأنه رفع جميع ما أثبته ، فلم يقبل ، كاستثناء الكل . وللشافعي قولان كالمذهبين . ووجه قول الخرقي أنه قول متصل ، يمكن صحته ، ولا تناقض فيه ، فوجب أن يقبل كاستثناء البعض ، وفارق المنفصل ; لأن حكم الأول قد استقر بسكوته عليه ، فلا يمكن رفعه بعد استقراره ، ولذلك لا يرتفع بعضه باستثناء ولا غيره ، فما يأتي بعده من دعوى القضاء يكون دعوى مجردة ، لا تقبل إلا ببينة ، وأما استثناء الكل فمتناقض ; لأنه لا يمكن أن يكون عليه ألف وليس عليه شيء .

( 3829 ) فصل : وإن قال : له علي مائة ، وقضيته منها خمسين . فالكلام فيها كالكلام فيما إذا قال : وقضيتها . وإن قال له إنسان : لي عليك مائة . فقال : قضيتك منها خمسين . فقال القاضي : لا يكون مقرا بشيء ; لأن الخمسين التي ذكر أنه قضاها في كلامه ما تمنع بقاءها ، وهو دعوى القضاء ، وباقي المائة لم يذكرها ، وقوله : منها . يحتمل أن يريد بها مما يدعيه ، ويحتمل مما علي ، فلا يثبت عليه شيء بكلام محتمل . ويجيء على قول من قال بالرواية الأخرى أن يلزمه الخمسون التي ادعى قضاءها ; لأن في ضمن دعوى القضاء إقرارا بأنها كانت عليه ، فلا تقبل دعوى القضاء بغير بينة .

التالي السابق


الخدمات العلمية